الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ذكر الطرائف والحكايات المضحكة في المحاضرات

السؤال

هل الدعوة إلى الله بأسلوب الكوميديا أو بالمحاضرات التي يتخللها الطرائف بدعة؟ خصوصًا أن بعض الذين يظنون أنفسهم حاملي لواء الجرح والتعديل, والذين لا همَّ لهم إلا التكلم في عرض المشايخ تكلم أحدهم في شيخين لهما شعبية, وقال: إنهما يستخدمان الكوميديا في الدعوة وهذا بدعة -جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جاء في كتاب تكملة المعاجم العربية لرينهارت بيتر آن دُوزِي المتوفى: 1300هـ: كومدية: كومدية: كوميديا/ مهزلة.

فكلمة comed، ومشتقاتها يدور معناها حول الهزء، والسخرية، وما كان كذلك فهو من خوارم المروءة التي ترد بها الشهادة، التي لا تقبل بحال من الداعية إلى الله؛ قال ابن قدامة: فَأَمَّا الْمُرُوءَةُ فَاجْتِنَابُ الْأُمُورِ الدَّنِيئَةِ الْمُزْرِيَةِ بِهِ،... أَوْ يَتَمَسْخَرُ بِمَا يُضْحِكُ النَّاسَ بِهِ.

وقال الحصني الشافعي في كفاية الأخيار: وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يكثر من الحكايات المضحكة.

فإن بلغ الأمر أن يحاكي شخصًا في حركاته ومشيته وكلامه من باب السخرية وإضحاك الناس كما يفعله الممثلون والمهرجون فهو حرام, قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وتحرم محاكاة الناس للضحك، ويعزَّر هو ومن يأمره؛ لأنه أذى.

ومن ثم: فهذه وسيلة غير مشروعة للدعوة إلى الله، فلا تجوز، وراجع الفتوى: 59236، ومثلها الطرائف الكاذبة.

وأما إن قصدت بالكوميديا، أنه يضحك الناس بمواقف صادقة، أو يذكر طرائف لا غيبة فيها, ولا سخرية, فإن لم يُكثر منها، فلا حرج عليه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمزح، ولكن لا يقول إلا حقًا، وفيها نوع من التخفيف على السامعين حتى لا تمل القلوب، ولم يزل العلماء على ذلك - ولذا بوب الإمام ابن حبان في صحيحه باب: ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَمْزَحَ مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِمَا لَا يُحَرِّمُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، ثم ذكر بعده بباب، ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقِلَّةِ الضَّحِكِ، وَكَثْرَةِ الْبُكَاءِ، وأورد بعض الأحاديث.

وروى الطبراني في الكبير عَنْ قُرَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ سِيرِينَ: هَلْ كَانُوا يُمَازِحُونَ؟ قَالَ: مَا كَانُوا إِلاَّ كَالنَّاسِ, كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْزَحُ, وَيُنْشِدُ الشِّعْرَ.

قال البغوي في شرح السنة : وَقَالَ ثَابت بْن عُبَيْد: كَانَ زيد بْن ثَابت مِن أفكه النّاس فِي بَيته، فَإِذا خرج، كَانَ رجلًا مِن الرِّجَال.
وراجع للفائدة الفتويين: 11614، 19225, وراجع كذلك الفتويين التاليتين: 193825، 59520.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني