الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ الابن قيمة علاج شعره من مال أبيه دون علمه

السؤال

أنا طالب جامعي عمري 19 سنة, ومنذ ستة أو سبعة شهور لاحظت وجود فراغات في شعري, وأنا أحمد ربي وأشكره, ولكن الموضوع سبب لي حالة نفسية أو إحباطًا, وتكلمت مع والدي لأني سمعت كثيرًا أن العلاج المبكر يفيد في هذه الحالات, ولأن والدي حريص, أو من الممكن أن أصفه بالبخيل في بعض الأوقات, فهو لا يعالج أمي معظم الأوقات, وأحيانًا أمرض أنا وأمي هي التي تصرف على علاجي؛ فعندما كلمت أبي في ذلك الموضوع قال لي: إني أتوهم, وإنه أمر عادي, ورفض أن يعرضني على طبيب, وبعد مناقشات حادة بيننا وافق, وجعلني أذهب إلى طبيب رخيص الثمن, فلم يعطني الاهتمام, وأنهى الكشف سريعًا؛ حتى يدخل المرضى الآخرون من بعدي, فحمدت ربي, وطلبت من أبي أن يأتي لي بالعلاج الذي كتبه لي الطبيب فرفض, وبعد مناقشات حادة وافق أن أدفع أنا نصف قيمة الدواء وهو سيدفع النصف, وأنه سيفعل ذلك لمرة أو مرتين, وعليّ أن أتولى نفسي بعد ذلك, وبعد فترة فوجئت أن أبي اشترى دواء لشعره أغلى من دوائي, رغم أن عمره 56 سنة - أي أن تساقط الشعر في سنه طبيعي نوعًا ما, على عكسي تمامًا - فاستخدمت الدواء واستمررت عليه مدة طويلة, ودفعت عليه مبالغ كثيرة من مصروفي؛ لأني - كما قلت أدرس في جامعة, ومطلوب مني تقديرات؛ فلذا لا أعمل, أي لا مصدر رزق لي - ووجدت نتائج عكسية, وآثارًا جانبية مقلقة, وإن كان لهذا تفسير فأعتقد أنه سوء تشخيص من الطبيب قليل الخبرة, وساءت حالتي النفسية مرة أخرى, آسف للإطالة, ولكن كان يلزمني شرح الموقف, والسؤال: هل حلال لي أن آخذ مالًا من أبي دون علمه؟ لأنه لن يوافق على إعطائي, فهل آخذ ثمن تذكرة إلى طبيب آخر ذي خبرة وسمعة؛ حتى يشخص حالتي بشكل صحيح حتى أعلم ما بي من داء؟ وشكرًا لفضيلتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن يعافيك وينعم عليك بالشعر الحسن.
أما بخصوص أخذك من مال أبيك دون علمه للعلاج، فهذا إنما يجوز عندما تكون نفقتك واجبة عليه، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 66857 وما أحيل عليه فيها اختلاف العلماء في لزوم نفقة الوالد على ابنه البالغ الفقير القادر على الكسب، وأن أكثر العلماء يرون أنه لا تلزمه نفقته لقدرته على الكسب.
هذا فضلًا عن أن علاج حالتك هذه إنما هو من التحسينيات والكماليات, وليست من الضروريات أو الحاجيات, وانظر الفتوى رقم: 71467.
وحيث إن الأصل حرمة مال المسلم إلا بطيب نفس منه، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفس منه. رواه أحمد وصححه الألباني. وهذا بعمومه يشمل حرمة أخذ الولد من مال الوالد بدون إذنه إلا باستثناء شرعي.
فبناء على ما سبق، فإننا لا نرى مسوغًا لأخذك من مال والدك بدون إذنه للغرض المذكور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني