الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من قسم مالَه بين ورثته في حياته

السؤال

جدي- رحمه الله - كان يملك بيتين بسعر ستين ألف دينار، وأربعة محلات بسعر ستة آلاف دينار, وقبل أن يتوفى قسم ما يملك على أولاده كالتالي: البيتان للأبناء الأربعة، والمحلات الأربعة للبنات الأربع, والكل وافق على هذا التقسيم، وكان نصيب أخوالي أكثر بكثير مما لو أخذ الذكر مثل حظ الأنثيين، ولكن أمي وخالاتي رضين عن طيب نفس؛ لأن هذا ما أراده جدي, وبعد وفاة جدي لم يعترض أحد على هذا التقسيم, فأخوالي كانوا يسكنون البيوت، أما أمي وخالاتي فبدأن بأخذ إيجار المحلات, وبعد مرور عشر سنوات على وفاة جدي قال خالي: نحن لم نقسم الميراث حسب الشريعة الإسلامية، وعلينا أن نقوِّم البيوت والمحلات، ونعيد التقسيم من جديد, وخالاتي يعترضن لأنه قبل عشر سنوات كانت المحلات أرخص، وأسعار اليوم تختلف كثيرًا عن أسعار العشر سنوات الماضية, وأمي تسأل وتقول: هل سنأثم إذا أصررت هي وأخواتها على التقسيم الذي وافق عليه الجميع قبل عشر سنوات بعد وفاة والدي مباشرة ولم يتنازلن عن المحلات؟ وما الحل إذا كان ذلك لا يجوز؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت بقولك إن جدك قسم أمواله، تعني أنه أعطاها لهم في حياته، وملكوها، وصاروا يتصرفون فيها تصرف المالك قبل مماته, فإن هذه هبة, ولها حالان:

أولهما: أن يكون جدك قد ملَّكهم البيوت، والمحلات في حال صحته، أو في مرض غير مخوف, وفي هذه الحال تكون الهبة قد تمت، وصار كل واحد منهم يملك ما وُهب له، وليس لهم الحق في الاعتراض الآن، ولا المطالبة بإعادة القسمة, ولو فرض أن الجد لم يكن عادلًا في هبته بحيث فاضل الأولاد على البنات مفاضلة يختل بها العدل، فإن الهبة ماضية ما دام الواهب قد مات في قول الأئمة الأربعة.
والحال الثانية: أن يكون الجد قد ملِّكهم البيوت، والمحلات في مرضه المخوف, وفي هذه الحال تعتبر هبة في حكم الوصية, قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا. اهــ.
وإذا كانت في حكم الوصية، فإن وصيته لأولاده بالبيوت، ولبناته بالمحلات لا تصح إلا بالتراضي بينهم لكونها وصية لوارث, قال ابن قدامة في المغني: وَحُكْمُ الْعَطَايَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَقِفَ نُفُوذُهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ. الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ .... اهـــ.
وإذا تم التراضي بعد الوفاة - كما فهمناه من السؤال - فليس لأحد منهم الآن أن يطالب بإعادة القسمة، إلا إن كان لم يوافق عليها عند وفاة المورث ولا بعد ذلك، وكانت الهبة بحكم الوصية كما تقدم تفصيله.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني