الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهبة لا تتم إلا بالقبض

السؤال

قام والدي بشراء قطعة أرض باسم والدتي، وهي ربّة منزل لا تملك أموالًا. ولا نعلم على وجه التحديد ما إذا كان قد كتبها باسمها كهِبة لها، أو بهدف استبعاد قيمة الأرض من الإقرار الضريبي، أو إقرار الذمة المالية، أو رغبةً في تمليكها لوالدتي بعد وفاته. الأمر غير واضح لنا تمامًا.
وبعد عدة سنوات، قام والدي ببناء منزل على قطعة الأرض المذكورة. وبعد الانتهاء من البناء (البيت مكوّن من ثلاثة أدوار تحتوي على ست شقق)، قال والدي: إن لكل ابن من أبنائه شقة؛ ونحن ثلاثة أبناء وبنتان، أمّا الشقة الأخيرة فهي له ولوالدتي.
ونظرًا لأننا كنا نسكن في منزل آخر، قام والدي بتأجير البيت الجديد لشخص يتولى بدوره تأجيره للطلبة، وكان والدي هو من يتلقى الإيجار ويتصرف فيه كما شاء.
وبعد مرور عدة سنوات، توفِّيت والدتي، ثم بعد ستة أشهر توفّي جدّي (والد والدتي) الذي كان لا يزال على قيد الحياة، ثم توفي والدي بعد عام من ذلك. فما الحكم الشرعي في ما سبق؟
وتقبلوا خالص الدعاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا ننصحكم بالرجوع للمحاكم الشرعية ببلدكم، للنظر في شأن الأرض المشتراة باسم والدتكم، والبحث عن حقيقة ما فعل الوالد، وهل هناك إثباتات أو قرائن تفيد في الموضوع.

ومن المعلوم في الفقه أنه لا مانع شرعاً أن يهب الرجل لزوجته ما شاء من أمواله وممتلكاته ما دام أهلاً للتصرف ... وكان ذلك عن طيب نفس منه، فإذا تمت الهبة، وحصل الحوز، فقد أصبح الموهوب ملكا لها، وإذا لم يتم الحوز منها، وحدث أن ماتت قبل زوجها، فإن الهبة لا تكون نافذة.

جاء في الموطأ: أن أبا بكر وهب لعائشة -رضي الله عنها- جذاذ عشرين وسقًا من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقًا، ولو كنت قبضتيه، أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله تعالى. اهـ.

قال ابن حجر في التلخيص عند الكلام عليه: فائدة: استدل الرافعي بذلك على أن الهبة لا تملك إلا بالقبض. اهـ.

وفي رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ولا تتم هبة، ولا صدقة، ولا حبس، إلا بالحوز. اهـ.

وما دام الوالد قد تصرف في الأرض بالبناء، وهبة بعض الشقق للعيال، فهذه قرينة على أنه لم يهبها فعلاً للوالدة.

وإذا كان كذلك؛ فتكون بعد وفاته تركة توزع على وارثيه حسب التقسيم الشرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني