الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس في الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إساءة أدب

السؤال

اتقوا الله وتأدبوا مع رسوله صلى الله عليه وسلم: فقد اعتبرتم والدته من المشركين، لأنها عاشت في زمن الجاهلية، فمن قال إن كل من عاش في الجاهلية مشرك؟ ألم تسمعوا عمن كانوا على الحنيفية ومن كانوا نصارى؟ وعدم إذن الله له في الاستغفار لها لا يدل بحال على شركيتها، بل يدل على أن للرسول صلى الله عليه وسلم عند الله فضل أكبر من استغفاره لها، والحمد لله على ما أنعم به.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فنشكر الأخ السائل لتواصله معنا وأمره لنا بتقوى الله تعالى، ونسأل الله أن يجعلنا وإياه من المتقين, ولكن ليعلم أن الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن حال أمه ليس فيه إساءة أدب معه صلى الله عليه وسلم، بل الواجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما يكون إساءة أدب إذا ذُكِر حالها على سبيل التعيير، وهذا لا يفعله مسلم ـ ولله الحمد ـ وأما إذا ذُكِر على سبيل تقرير المسألة، فهذا جائز, وأنت إذا سُئِلتَ عن والد إبراهيم ـ عليه السلام ـ هل هو في الجنة أم في النار وقلت إنه في النار كما دل على ذلك القرآن؟ فهل تكون قد أسأت الأدب مع إبراهيم ـ عليه السلام؟!! كلا, فكذلك الأمر فيما يتعلق بوالدَيِ النبي صلى الله عليه وسلم, وزعمك أنه نُهِي عن الاستغفار لها لأجل أن فضل النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من الاستغفار، هذا الكلام لا يستقيم ومخالف للحديث الدال على أنه نهي عن الاستغفار لها لكون الاستغفار لا يجوز لأهل النار، ففي مسند الإمام أحمد: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنْ النَّارِ.

فهو بكى لها رحمة من النار، وهذا صريح في المسألة, ونحن لم نقل إن كل من عاش في الجاهلية كان مشركا، بل منهم أهل الفترة، ومنهم الحنفاء، ومنهم المشركون، وإذا جاء النص بأن أحدهم في النار فهو دليل على أنه ليس من الحنفاء، ونحن لم يخف علينا كلام العلماء في أهل الفترة، وسبق لنا أن أصدرنا فتوى عنهم وهي برقم: 49293، بعنوان: أهل الفترة وأبوي النبي صلى الله عليه وسلم.

وقولك: عمن كانوا نصارى ـ إن كنت تعني أن النصارى ليسوا كفارا عندك، فهذا باطل، بل إنهم كفروا بالله تعالى حين جعلوا له شريكا، بل إنهم جعلوا له شريكين آخرين, وقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ { المائدة 73}.

وانظر الفتوى رقم: 188921.

ومن عاش منهم في الجاهلية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وكان على دين عيسى ـ عليه السلام ـ فإنه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني