الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسلوب خاطئ مضاد للشرع في تربية الأولاد

السؤال

أعرف سيدة كبيرة تأخذ أحفادها الصغار إلى بعض أماكن اللهو التي تنتشر فيها فرق تعرض عروضاً فيها عري واضح ومجون، وعند اعتراضي على كلامها بألا تأخذهم لهذه الأماكن، يكون ردها كالتالي: دعهم يرون ويتعلمون الآن، لأنهم إذا كبروا تكون لديهم حصانة من هذه الأمور. فما رأيكم في هذه السيدة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيراً على هذه النصيحة النافعة، وزادك الله حرصاً على الإسلام والمسلمين، ولاشك أن فعلك هذا من الأمور الواجبة على كل مسلم إن وجد إليها سبيلاً. قال تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه [آل عمران: من الآية110]، وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.

ولمعرفة معنى هذا الحديث بالتفصيل راجع الفتوى: 3058، وإن مما عمت به البلوى في عصرنا هذا، ما ساد في عقول الناس من أفكار تربوية خاطئة، ينبذها الكتاب والسنة والعقل السليم، حيث يظن بعضهم أن اعتياد الأطفال والشباب على رؤية المعاصي والاختلاط بأهلها يحصنهم في المستقبل من شرورها!!!!

وكان من الواجب عليهم أولاً أن يسألوا أهل الذكر عن هذا الأمر الخطير قبل الوقوع في شباكه، والتردي في مهاويه، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7].

وعلينا في مثل هذه الأمور أن نعود إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم -وصحابته- رضي الله عنهم أجمعين- وسنجد أنهم كانوا يعودون الصبيان والبنات على الطاعة من صغرهم حتى يألفوها، ويحولون بينهم وبين المعاصي حتى لا يألفوها، ففي صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي - رضي الله عنهما - تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " كخ كخ ليطرحها، ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة. وفي رواية أحمد: فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فألقاها في التمر. وصححه الأرناؤوط.

وعن الربيع بنت معوذ - رضي الله عنهما قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار، من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد، ونُصَوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن- القطن- فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار. رواه البخاري.

وإننا لنقول لكل من يترك هذا الهدي القويم والأدب العالي: أي حصانة تبحث عنها تحت لهيب المعاصي ورماد الأخلاق السيئة، وما أحسن ما قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه

ويقول تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21]، وقال تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النور: من الآية54].

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني