الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن للجن اختطاف الإنس؟

السؤال

شاهدت على التلفاز فتاة كانت تحكي قصتها, فقد كانت تعاني من مس الجن, وقالت: حين أراد أحد الشيوخ الذهاب لكي يساعدها ظل مفقودًا لعدة شهور، وعندما عثروا عليه قال لم أكن مفقودًا، وإنما كنت مع أهلي آكل وأشرب وأعيش حياة عادية معهم، ولكنها تقول: إن أهله ظلوا يبحثون عنه تلك الشهور وهو مفقود فعلًا، وتقول: إن الجن لها علاقة بذلك؛ لأن الشيخ أراد مساعدتها، فهل يصح شرعًا ذلك؟ وهل للجن القدرة على فعل شيء هكذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نستطيع الحكم على هذه القصة المذكورة في السؤال، لكن من حيث العموم، فإن اختطاف الجن للإنسي أمر ممكن وقد وردت آثار عدة تدل على ذلك، منها: ما جاء عن عائشة، قالت: حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثًا، فقالت امرأة منهن: يا رسول الله، كان الحديث حديث خرافة؟ فقال: أتدرين ما خرافة؟ إن خرافة كان رجلًا من عذرة أسرته الجن في الجاهلية، فمكث فيهم دهرًا طويلًا، ثم ردوه إلى الإنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس: حديث خرافة. أخرجه أحمد، وأورده ابن الجوزي في كتابه: العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، وضعفه الألباني.

وجاء في صحيح مسلم عن علقمة، أنه قال: سألت ابن مسعود: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير، أو اغتيل ... الحديث.

قال النووي في شرح مسلم: معنى استطير: طارت به الجن. اهـ.

وجاء عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن رجلًا من قومه من الأنصار خرج يصلي مع قومه العشاء فسبته الجن، ففقد فانطلقت امرأته إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقصت عليه القصة، فسأل عنه عمر قومه، فقالوا: نعم خرج يصلي العشاء ففقد، فأمرها أن تربص أربع سنين، فلما مضت الأربع سنين أتته فأخبرته فسأل قومها فقالوا: نعم، فأمرها أن تتزوج فتزوجت، فجاء زوجها يخاصم في ذلك إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يغيب أحدكم الزمان الطويل لا يعلم أهله حياته ـ فقال له: إن لي عذرًا يا أمير المؤمنين، قال: وما عذرك؟ قال: خرجت أصلي العشاء فسبتني الجن فلبثت فيهم زمانًا طويلًا فغزاهم جن مؤمنون ـ أو قال: مسلمون شك سعيد ـ فقاتلوهم فظهروا عليهم فسبوا منهم سبايا فسبوني فيما سبوا منهم فقالوا: نراك رجلًا مسلمًا ولا يحل لنا سبيك، فخيروني بين المقام وبين القفول إلى أهلي فاخترت القفول إلى أهلي فأقبلوا معي، أما بالليل فليس يحدثوني، وأما بالنهار فعصار ريح أتبعها، فقال له عمر - رضي الله عنه -: فما كان طعامك فيهم؟ قال: الفول, وما لم يذكر اسم الله عليه, قال: فما كان شرابك فيهم؟ قال: الجدف، قال قتادة: والجدف: ما لا يخمر من الشراب ـ قال: فخيره عمر ـ رضي الله عنه ـ بين الصداق وبين امرأته. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، وصححه الألباني في إرواء الغليل.

وعقد السيوطي في كتابه لقط المرجان في أحكام الجان فصلًا في ذكر اختطاف الجن للإنس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني