الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التغلب على وساوس الطهارة والصلاة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم ‏
سؤالي يتعلق بالوسواس القهري. أرجو من الله تعالى أن يشفي كل من ابتلي به، ويحمي جميع ‏المسلمين. ‏
عند ما كنت في الثانية عشر من عمري، أصبحت أحافظ على الصلاة ‏في المسجد، وفي بعض الأحيان في البيت إذا فاتتني الصلاة. وبعد ‏قرابة سنتين أو ثلاث سنوات بدأت معي الوسوسة في الصلاة، ‏أأخذ وقتا كي أكبر تكبيرة الإحرام، وأصبحت حالتي تزداد سوء ‏حتى أني إذا أردت أن أصلي ركعتين فقط آخذ ثلاث ساعات وأنا ‏واقف، وليست المشكلة في الوقوف، بل المشكلة أنه أصبحت هناك ‏ضغوط نفسية. تعبت تعبت، تعبت جدا، أبكي بكاء بسبب حالتي. وإذا ‏أردت أن أتوضأ يقف أحد من أهلي كي يرى وضوئي. ( مرة أتت ‏صلاة المغرب فذهبت لأتوضأ فجلست أعيد وأعيد حتى أقيمت ‏الصلاة، فقلت لأهلي تابعوا وضوئي، ولم أنته منه حتى أذن ‏للعشاء، مع العلم أن أهلي يقولون وضوؤك صحيح لا تعد. ‏وأصبحت لا أزور أصدقائي إلا إذا صليت. وأبي يهتم بي اهتماما ‏شديدا زائدا عن بقية إخوتي، علما بأني أصغر إخوتي. أعتقد أن اهتمامه ‏هذا بسبب أني محافظ على الصلاة، يعني من اهتمامه بي أني إذا ‏تضايقت بسبب حالتي تضايق هو أيضا، حتى إن أبي الآن أصبح ‏طريح الفراش. والآن أصبحت مثل المجنون، بل قل ‏المجنون أعقل مني. باختصار شديد أصبحت الآن بسبب الوسواس ‏القهري لا ألمس شيئا في البيت، أقول هذا نجس فمثلا إذا أردت ‏شرب ماء لا أمسك بيدي صنبور الماء بل أي شيء لا أمسكه بيدي. بل أيضا أمسك نفسي لا أذهب- أعزكم الله- إلى الحمام ‏قرابة أربعة أيام خيفة المكوث فيه طويلا. أنا الآن لا آكل جيدا، ولا ‏أشرب كثيرا حتى لا أذهب لقضاء الحاجة حتى إذا قضيت حاجتي ‏سريعا تعتقدون كم من الوقت أمكث ..؟؟؟ ساعة كاملة. ليست ‏هذه المشكلة.. المشكلة في غسل الجنابة، وهذه هي الأعظم ‏أمكث تحت الدش أربع ساعات أو ثلاث ساعات حتى إني أجد لون جلدي ‏قد تغير حتى يدي والأصابع فيها تصفطات. أما الآن وقبل ‏يومين أو ثلاثة تحديدا جلست ست ساعات وأنا أغتسل من ‏الجنابة، أريد أن أخرج ولكن لم أستطع بسبب الوساوس واشتد علي ‏لدرجة أني أرى بقعة على ثوبي لا أعرف من أين أغتسل ‏من الجنابة؟ وقبل مدة ذهبت إلى عدة مشايخ قرؤوا علي ولكن ‏دون جدوى، وسألت بعض المطاوعة والمشايخ يقولون نفس القول ‏تقريبا وأيضا في ( النت ..) كذلك نفس الكلام أنك تترك ‏الوساوس، ولكني أحاول أحاول من ( ثمان سنوات ) ولكن ‏دون فائدة، والله تعبت، تعبت. ماذا أفعل قلت أترك الصلاة فلا ‏يرتاح بالي، مع العلم أن أضرار الوسواس ليست في الدين بل ‏في حياتي أيضا مع أهلي، مع أقربائي في كل شيء لا أذهب إلى ‏أصحابي، هم يعرفون حالتي أني مريض يعاملوني كأني ( خبل ‏بمعنى مجنون ) ولكن لا يوضحون لي. أنا لا أهتم للغير أهتم ‏فقط لديني، وأنا في حالتي أحس أن الدين عسير عسير جدا ماذا ‏أفعل؟
سأفعل أحد أمرين أن أترك الصلاة؛ لأنها مشقة ومضرة ‏لقوله تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ‏وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ( آية 195) من سورة البقرة ( ‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ‏
أو أصلي صلاتي حتى إذا كان علي نجاسة أم جنابة فقط ‏أتوضأ، إذا عجزت عن الوضوء أتيمم حتى لو كان الماء موجودا، ‏فأصلي صلاتي لقوله تعالى {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا ‏كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة 268) ( لا يكلف الله نغسا إلا ‏وسعها)
أنا قلت سأفعل أحد الأمرين؛ لأني لن أحصل على حل إما أن أستمر على حالتي وأمرض نفسي ومن حولي . وربما تقولون لي ‏جاهد نفسك على ترك الوساوس، وأنا أقول لكم إني أحاول ‏أحاول دون جدوى، مع العلم ‏((إن هذه السنة هي ثاني سنة بالجامعة، وعمري واحد وعشرون ‏‏)) وإن شاء الله أراكم في جنة الفردوس الأعلى _جزيتم خيرا _‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الشفاء والعافية، ثم اعلم أنه لا علاج لك إلا الاستمرار في المجاهدة، وبذل الوسع في الإعراض عن تلك الوساوس وعدم الالتفات إليها، وقد يكون ذلك صعبا بعض الشيء، ولكن مع الاستعانة بالله، وبذل الوسع سيتيسر ذلك إن شاء الله؛ وراجع لتفصيل القول في علاج الوسوسة الفتوى رقم: 134196، ورقم: 51601.

فإذا أردت قضاء الحاجة فلا تطل المكث بعد فراغك من حاجتك بل بادر بالقيام، ومهما وسوس لك الشيطان بأنه قد خرج منك شيء فلا تلتفت إلى وسواسه.

وإذا أردت الوضوء فاغسل كل عضو مرة أو مرتين أو ثلاثا، ولا تزد مهما وسوس لك الشيطان بأنك لم تسبغ الوضوء؛ فإنه إنما يريد إضرارك وتعنيتك.

ولا تتحرج من مس أي شيء مهما وسوس لك الشيطان بأنه متنجس، فإن الأصل في الأشياء كلها الطهارة.

وإذا أردت الصلاة فاستعن بالله تعالى، وجاهد نفسك على أن تكبر مرة واحدة ثم تمضي في صلاتك لا تعيد شيئا مما تقرؤه، ولا تفكر في إعادة الصلاة بعد الفراغ منها، فإذا نجحت في فعل ما نوصيك به مدة من الزمن سيذهب الله عنك الوسواس بمنه وكرمه، ولو راجعت قسم الاستشارات بموقعنا لكان ذلك حسنا إن شاء الله، ونحن ننصحك بالتداوي والذهاب إلى طبيب نفسي ثقة، فإن الله برحمته قد جعل من العقاقير ما يستعان به بإذنه تعالى على دفع هذا البلاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني