الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقتضى الحساب يوم القيامة

السؤال

أنا مسلم ولا أؤمن بالمذاهب، أنا فقط أؤمن بالله ورسوله صلى الله ‏عليه وسلم.
فهل يوم القيامة كل يحاسب على مذهبه؟
زوجتي دائما تقول لي أريد أن أقابلك في الجنة إن شاء الله.
فهل نقابل من ‏نحب في الجنة؟
وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسلم إنما يطالب بطاعة الله تعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل بمقتضى الأدلة الشرعية. وأما العلماء فدورهم هو بيان دلالات تلك الأدلة، والاجتهاد في معرفة ذلك ودلالة الناس عليه، وتدوينه. فهم ليسوا كآحاد الناس في فهم الشريعة ومعرفة دلالاتها، ومع ذلك فليس لأقوالهم وآرائهم من القداسة ما للأدلة الشرعية، فلا إفراط في التعامل مع أقوالهم وآرائهم ولا تفريط. وقد سبق لنا تفصيل ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 99510، 191017، 140792.
والحساب يوم القيامة إنما يكون على مقتضى الشهادتين: لا إله إلا الله، محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال تعالى: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) ... وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُالْمُرْسَلِينَ (65) [القصص].

قال ابن كثير: النداء الأول عن سؤال التوحيد. وهذا فيه إثبات النبوات: ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم؟ وكيف كان حالكم معهم؟ وهذا كما يسأل العبد في قبره: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك. اهـ.
وقال السعدي: هذا إخبار من الله تعالى عما يسأل عنه الخلائق يوم القيامة، وأنه يسألهم عن أصول الأشياء، وعن عبادة الله، وإجابة رسله. اهـ.
وأما الجمع بين الزوجين في الجنة إن كانا من أهلها، فهذا مما نص عليه القرآن، قال تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ [الرعد: 23].

قال ابن كثير: أي: يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين، والأبناء، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين؛ لتقر أعينهم بهم، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته، بل امتنانا من الله وإحسانا، كما قال تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين} [الطور: 21]. اهـ.
وقال السعدي: ومن تمام نعيمهم، وقرة أعينهم أنهم {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} من الذكور والإناث {وَأَزْوَاجِهِمْ} أي الزوج أو الزوجة، وكذلك النظراء والأشباه، والأصحاب والأحباب. اهـ.
وبالجملة فإن أهل الجنة يتزاورن ويتجالسون، وقد عقد ابن القيم في (حادي الأرواح) بابا في: (زيارة أهل الجنة بعضهم بعضا وتذاكرهم ما كان بينهم في الدنيا). وهذا يحصل حتى مع تفاوت الدرجات في ما بينهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 47719.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني