الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلام أهل العلم حول حديث: الأئمة من قريش

السؤال

سؤال: هل يصح تأويل، أو تضعيف، أو تفسير على غير الظاهر حديث: الأئمة من قريش. وإذا كان يؤل فما تأويله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجمهور أهل العلم على أن خليفة المسلمين يجب أن يكون من قريش، بل حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع عليه؛ وراجع في ذلك وفي حكمته الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 93979، 26262، 115872، 189225. وراجع في جملة شروط الإمامة العظمى، الفتوى رقم: 8696.
وأما الذين خالفوا الجمهور ولم يشترطوا هذا الشرط، فلهم تأويلات مختلفة، فمنهم من رد أدلة هذا الحكم بكونها من أخبار الآحاد فلا يحتج بها في مثل هذه المسائل، كما فعل الجويني في (غياث الأمم) فقال: هذا مسلك لا أوثره، فإن نقلة هذا الحديث معدودون لا يبلغون مبلغ عدد التواتر، والذي يوضح الحق في ذلك أنا لا نجد في أنفسنا ثلج الصدور واليقين المثبوت بصدد هذا من فلق في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما لا نجد ذلك في سائر أخبار الآحاد، فإذًا لا يقتضي هذا الحديث العلم باشتراط النسب في الإمامة. اهـ.
وقال في كتاب (الإرشاد إلى قواعد الأدلة في أصول الاعتقاد): وهذا مما يخالف فيه بعض الناس، وللاحتمال فيه عندي مجال، والله أعلم بالصواب. اهـ.
فكأنه اعتذر بكون الأدلة محتملة ولم يحصل على مضمونها إجماع !
ومنهم من قال: إن الأحاديث الواردة في ذلك إنما هي على سبيل الإخبار، وليس فيها أمر يجب امتثاله، كما ذهب إليه بعض المعاصرين، كالدكتور محمد أبو زهرة في كتاب ( تاريخ المذاهب الإسلامية ) والدكتور صلاح الدين دبوس في كتاب ( الخليفة توليته، وعزله). وبالغ الدكتور علي الخربوطلي في كتاب ( الإسلام والخلافة ) فرمى الأحاديث المذكورة بالوضع !!
ومنهم من اعتبر ذلك من باب السياسة الشرعية المتغيرة بتغير العوامل، كالأستاذ محمد المبارك في كتب (نظام الإسلام في الحكم والدولة) بناء على قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه: إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش. فالعلة طاعة العرب لقريش، فإذا تغير الحال تغير موضع الاختيار !
وقد ذكر ذلك الدكتور عبد الله الدميجي في رسالته: (الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة) وأجاب عن هذه التأويلات. وبين الحكمة من هذا الاختيار الشرعي، ثم قال: وهذا الشرط كغيره من الشروط السابقة التي لا تشترط إلا عند الاختيار من قبل أهل الحل والعقد، أما إذا كان تولي الإمام للإمامة بغير هذه الطريقة، فلا يشترط فيه القرشية، كالمتغلب مثلاً، ومن عهد إليه من إمام سابق وخشيت الفتنة إن عُزل، ففي مثل هذه الحالة تجب طاعته في غير معصية، والجهاد معه ونحو ذلك، وله من الحقوق ما للقرشي بنص الأحاديث السابقة والموجبة لطاعة المتغلب وإن لم تكتمل فيه جميع هذه الشروط. اهـ.
يعني أحاديث وجوب الوفاء ببيعة الإمام على السمع والطاعة في غير معصية، وتحريم نكث بيعته بدون مبرر شرعي.

ثم إنه على افتراض تعذر وجود قرشي في مكان ما، أو وجد ولكنه غير كفء للخلافة، فإنها تدفع إلى غيره حفاظاً على المصلحة العامة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 66916.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني