الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإشادة بشعار: العمل مع الله

السؤال

هل يجوز رفع شعار: العمل مع الله.
حجة الرافعين أنه وردت على لسان السيد قطب عبارة: لن أعتذر عن العمل مع الله، وبعض الآيات مثل ( إن الله مع المحسنين ).
وحجة الرافضين لها أن مع تفيد لغويا المعية، والمشاركة والله أغنى من أن يكون عباده شركاء له، فكان الأفضل قول: العمل لله أو العمل في سبيل الله.
أرجو تبيان الموقف الشرعي من هكذا شعار.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن شعار: (العمل لله) أو (العمل في سبيل الله) هو الأوفق والأقرب لألفاظ الشريعة ! ومع ذلك فلا نرى حرجا في تعبير: (العمل مع الله) ولاسيما إن كان في سياق مناسب وأسلوب لائق، وهذه العبارة المشهورة التي أطلقها الأستاذ سيد قطب في مواجهة الطغاة ! قد أشاد بها كثير من المعاصرين.

قال الدكتور فهد الرومي في كتابه: (اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر) والذي طبع بإذن رئاسة إدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد في المملكة.

قال: ولو لم يترك لنا التاريخ إلا تلك الكلمات التي قالها سيد باستعلاء المؤمن، وعزة المؤمن لكفى بها، كلمات تخط ليس بالذهب كما يقولون، وإنما بالنور نور الإيمان الذي لا ينطفئ ولا يحجب. قال حين طلب منه أن يقدم التماسا إلى جمال عبد الناصر بالعفو عنه، ووعد بالإجابة سلفا إن فعل: "لماذا أسترحم؟ إن سجنت بحق، فأنا أرضى حكم الحق، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل". ... وقال حين طلب منه الاعتذار، فيصدر العفو عنه: لن أعتذر عن العمل مع الله. اهـ.
وقال الشيخ محمد إسماعيل المقدم في نهاية فصل: (عالي الهمة شريف النفس يعرف قدر نفسه) من كتاب (علو الهمة) قال: ونختم هذا الفصل بمثال فَذٍّ، بذل حياته لإعلاء كلمة الله، وهو الأستاذ سيد قطب ... ونتوقف فقط عند ساعاته الأخيرة في الدار الفانية، وقد طُلب إليه أن يعتذر للطاغية مقابل إطلاق سراحه، فقال: "لن أعتذر عن العمل مع الله". اهـ.

وقريب من هذه العبارة محل السؤال ما قاله سهل بن عبد الله التستري في تعريف التوكل: هو: الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد. وقد نقلها عنه القشيري في رسالته، والنووي في شرح مسلم، وابن القيم في (مدارج السالكين) والفيروزآبادي في (بصائر ذوي التمييز) ونقلها بعض فقهاء الحنابلة كالبعلي في (المطلع على ألفاظ المقنع) وابن مفلح في (المبدع) والبهوتي في (كشاف القناع) والرحيباني في (مطالب أولي النهى).
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني