الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأحق بالنفقة الزوجة والأولاد أم الوالدان؟

السؤال

أريد أن أعرف هل أنا وابنتي أحق بالنفقة أم والدا زوجي اللذان يملكان مصدر دخل آخر ألا وهو إيجار شقة، ومعاش في البنك ونحن ليس لنا إلا راتب زوجي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك غير واضح، ونجيب على ضوء ما ظهر لنا منه: وهو أنك تسألين عن حقك وحق ابنتك على زوجك في النفقة، وهل يقدمه على حق والديه اللذين يملكان مصدر رزق متمثلا في أجرة شقة، ومبلغ من المال يقبضانه شهريا؟
فالجواب أن نقول: إن نفقة الزوجة والأولاد المحتاجين مقدمة على نفقة الوالدين.

قال ابن قدامة: وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ إلَّا نَفَقَةُ شَخْصٍ، وَلَهُ امْرَأَةٌ، فَالنَّفَقَةُ لَهَا دُونَ الْأَقَارِبِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا، فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى قَرَابَتِهِ.» وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ مُوَاسَاةٌ، وَنَفَقَةَ الْمَرْأَةِ تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، فَقُدِّمَتْ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُوَاسَاةِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ مَعَ يَسَارِهِمَا وَإِعْسَارِهِمَا، وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. انتهى.

وجاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته: إذا تعدد مستحقو النفقة ولم يكن لهم إلا قريب واحد، فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه الإنفاق، وإن لم يستطع بدأ بنفسه، ثم بولده الصغير أو الأنثى، أو العاجز، ثم بزوجته. وقال الحنابلة: تقدم الزوجة على الولد ، ويقدَّم الأب على الأم لفضيلته، وانفراده بالولاية، واستحقاق الأخذ من ماله. وقال ابن قدامة: الأولى التسوية بينهما. وقيل عند الشافعية: يقدم الأب، وقيل: الأم والأب سواء. انتهى.
وهذا التقديم على فرض أن كلا من الزوجة وأولادها، وأبوي الزوج محتاجون، وأما إذا كان الأبوان غير محتاجين -كما هو ظاهر حالهما من السؤال- فلا تجب نففتهما على الولد، وإن كان فعل ذلك محموداً؛ لما فيه من إرضاء الوالدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب من رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، وهذا مشروط بألا يؤثر على نفقته الواجبة عليه من جهة زوجته وولده.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 192129، 104517، 58374.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني