الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيبة محرمة حتى ولو كانت من الوالدين لأبنائهما

السؤال

قامت والدتي بقول: "أنت تعرفه هكذا؟ يخرف في كلامه" عن أخي، وهي تحاور والدي، تقصد أنه يقول الكلام بسفاهة أحيانًا. وكانت تتحاور مع والدي في موضوع، وتتكلم في مشكلة. فهل هذا غيبة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالغيبة المحرمة هي ذكر المسلم في غيابه بما يكره أن يُذكر به، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «ذكرك أخاك بما يكره» قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.

قال النووي في الأذكار: فأما الغيبة: فهي ذكرك الإنسان بما فيه مما يكره، سواء كان في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خَلقه، أو خُلقه، أو ماله، أو ولده، أو والده، أو زوجه، أو خادمه، أو مملوكه، أو عمامته، أو ثوبه، أو مشيته، وحركته، وبشاشته، وخلاعته، وعبوسه، وطلاقته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته بلفظك، أو كتابك، أو رمزت، أو أشرت إليه بعينك، أو يدك، أو رأسك أو نحو ذلك. اهـ.

فوصف الابن بأنه ( يخرف في كلامه ) من الغيبة، وغيبة الوالد لولده محرمة؛ لعموم الحديث.

وقد سئل الشيخ ابن باز في برنامج نور على الدرب: هل الغيبة تنتفي إذا كانت المرأة تتكلم عن ابنها وزوجته، مع بناتها في غيبتهما ؟ وهي تقول بأن هذا ليس من الغيبة ؟

فأجاب: إذا ذكرت ابنها بما يكره، أو زوجته بما يكره، فهذه غيبة. اهـ.

وقال الدكتور أحمد القاضي في كتابه: ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين: سألت شيخنا رحمه الله: ما حكم غيبة المرأة لابنها ؟ فأجاب : إن كان على سبيل التشكي من أنه عقّها مثلاً، فليس بغيبة لكل أحد للأم وغير الأم؛ لقوله تعالى: (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ) النساء : 148 ، وإن كان بغير ذلك فقد يقع غيبة. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 41299 .

لكن ينبغي أن يعلم أن الغيبة تباح في بعض الأحوال التي ترجى منها مصلحة لا تحصل إلا بها، كالغيبة للتظلم، أو الاستعانة على تغيير المنكر.

قال النووي في رياض الصالحين: اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو ستة أسباب: الأول: التظلم, فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان، والقاضي وغيرهما ممن له ولاية, أو قدرة على إنصافه من ظالمه, فيقول: ظلمني فلان بكذا.

الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر, ورد العاصي إلى الصواب, فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا, فازجره عنه ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر, فإن لم يقصد ذلك كان حراما...اهـ.

وقد ذكرنا بقية الأحوال في الفتوى رقم: 6710 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني