الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تسمية من اسمه المسيح ابنه عيسى، وتقديم اللقب على الاسم

السؤال

أعرف شخصا مسلما اسمه المسيح، فهل في ذلك شيء؟ لأن المسيح في القرآن الكريم دائما تأتي قبل عيسى ـ المسيح عيسى ـ ففي حالة تسمية ابنه فسيكون عيسى المسيح, فهل يصح أن يسميه عيسى؟ أرجو أن تكون الإجابة واضحة مع الدليل، وهل يصح أن أطلب الواسطة لتكملة تعليمي مع أن تقديري يسمح بتكملة درسات عليا؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا مانع شرعا من التسمية باسم عيسى، إذ لم يأت نهي عن ذلك، وإنما كره بعض الأئمة التكني بأبي عيسى، وأما التسمية بعيسى: فلا نعلم من كرهها أو نهى عنها، وكون اسم ـ الوالد المسيح ـ لا يمنع تسمية الابن باسم عيسى، والأصل في اللسان العربي أن يفصل بين اسم الأب وابنه بلفظة: ابن ـ جاء في معجم المناهي اللفظية: محمد أحمد ـ ونحو ذلك مما يُراد بالأول اسم الشخص ـ الابن ـ وبالثاني اسم أبيه ـ أي إسقاط لفظة ابن بين أعلام الذوات من الآدميين ـ الجاري في لسان العرب، وتأيد بلسان الشريعة المشرفة إثبات لفظة ابن في جر النسب، لفظاً ورقماً، ولا يعرف في صدر الإسلام، ولا في شيء من دواوين الإسلام، وكتب التراجم وسير الأعلام حذفها البتة، وإنما هذا من مولدات الأعاجم، ومن ورائهم الغرب الأثيم، وكانت جزيرة العرب من هذا في عافية حتى غشاها ما غشَّى من تلكم الأخلاط، وما جلبته معها من أنواع العجمة، والبدع، وضروب الردى، فكان من عبثهم في الأسماء إسقاط لفظة ـ ابن ـ ومن لطيف ما يورد أنني لما بُليت بشيء من أمر القضاء في المدينة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام وذلك من عام 1388هـ، حتى عام 1400 هـ ما كنت أرضى أن يدون في الضبوط ولا في السجلات أي علم إلا مثبتاً فيه لفظة ـ ابن ـ فواقفني واحد من الخصوم فقلت له: انسب لي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هو محمد بن عبد الله، فقلت له: لماذا لم تقل محمد عبد الله؟ وهل سمعت في الدنيا من يقول ذلك؟ والسعادة لمن اقتدى به، وقفى أثره صلى الله عليه وسلم، فشكر لي ذلك، وهذا من حيث الجانب الشرعي، وأما من حيث قوام الإعراب فإنَّك إذا قلت في شخص اسمه: أحمد، واسم أبيه محمد، واسم جده حسن، فقلت: أحمد محمد حسن ـ وأدخلت شيئاً من العوامل فلا يستقيم نطقه ولا إعرابه، لعجمة الصيغة، وقد وقعت بحوث طويلة الذيل في: مجلة مجمع اللغة العربية بمصر، ولم يأت أحد منهم بطائل سوى ما بحثه العلامة الأفيق الشيخ: عبد الرحمن تاج ـ رحمه الله تعالى ـ من أن هذه صياغة غير عربية فلا يتأتى إعرابها، إذ الإعراب للتراكيب سليمة البنية، فلْيُقلْ: أحمد بن محمد بن حسن ـ فلندع تسويغ العجمة، ولنبتعد عن التشبه بالأعاجم، فذلك مما نهينا عنه، والمشابهة في الظاهر تدل على ميل في الباطن: كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ { البقرة: من الآية118}. اهـ.

وتقديم لقب عيسى ـ عليه السلام ـ على اسمه جائز لشهرته به، وإلا فالأصل التعبير بعيسى المسيح، جاء في النحو الوافي: يجب الترتيب بين الاسم واللقب، بحيث يتقدم الاسم ويتأخر اللقب، مثل: عمرُ الفاروق هو الخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين، وهذا الترتيب واجب إن لم يكن اللقب أشهر من الاسم، فإن كان أشهر جاز الأمران، مثل: المسيح عيسى ابنُ مريمَ رسولٌ كريم، أو: عيسى ابنُ مريمَ المسيحُ رسولٌ كريم، ذلك أن المسيح أشهر من عيسى. اهـ.

وأما بذل الواسطة لإكمال الدراسة: فإن لم يكن في ذلك ظلم لأحد ـ كأن تأخذ مقعد من هو أحق منك ـ فإن بذل الواسطة حينئذ جائز، وإلا فهو محرم، وانظر الفتوى رقم: 66659.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني