الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجزئ الزكاة إذا سدد بها جزءا من أقساط المدارس لأبناء أخته

السؤال

هل يجوز أن أدفع جزءا من أقساط المدارس الخاصة لأختي المتزوجة من زكاة المال؟ علما أن زوجها لا يعمل، وهي تعمل، ولكن راتبها بسيط والمدارس الخاصة لابد منها، إذ إن المدارس الحكومية أضحت لا تطاق، وزوجها يتأخر عن الأولاد، وإذا صحت الزكاة لها، فهل الواجب تسليمها نقدا أو يجزئ دفعها مباشرة للمدرسة تجنبا لإحراجها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا لم تجد أختك وسيلة لتعليم أبنائها إلا في المدارس المذكورة فالظاهر ـ والله أعلم ـ أنه لا حرج في دفع الزكاة إليها لحاجة أبنائها للتعليم الذي أصبح من الأهمية بمكان، حيث إن مستقبل الأبناء مرتبط بتعليمهم، قال المرداوي في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين جواز الأخذ من الزكاة لشراء كتب يشتغل فيها بما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه ودنياه، وهو الصواب. انتهى.

أما إن كانت هناك وسيلة متاحة لتعليم الأبناء في المدارس الحكومية والاستغناء بها عن الخصوصية فهم ليسوا بحاجة حينئذ لهذه الزكاة، فلا تصرف لتعليمهم، وأما من وجب عليه دين بالفعل، فقد سبقت شروط دفع الزكاة إلى المدين في الفتويين رقم: 18603، ورقم: 207592.

فإذا تحققت شروط دفع الزكاة لتسديد الدين، وأذن المدين في دفعها إلى الدائن مباشرة فلا بأس، وإلا فقد اختلف الفقهاء في جواز قضاء الدين عن المدين بدون توكيل منه، قال ابن قدامة في المغني: وإذا أراد الرجل دفع زكاته إلى الغارم فله أن يسلمها إليه ليدفعها إلى غريمه, وإن أحب أن يدفعها إلى غريمه قضاء عن دينه, فعن أحمد فيه روايتان:

إحداهما: يجوز ذلك نقل أبو الحارث, قال: قلت لأحمد: رجل عليه ألف, وكان على رجل زكاة ماله ألف, فأداها عن هذا الذي عليه الدين, يجوز هذا من زكاته؟ قال: نعم، ما أرى بذلك بأسا، وذلك لأنه دفع الزكاة في قضاء دينه, فأشبه ما لو دفعها إليه يقضي بها دينه.

والثانية: لا يجوز دفعها إلى الغريم، قال أحمد: أحب إلي أن يدفعه إليه, حتى يقضي هو عن نفسه، قيل: هو محتاج يخاف أن يدفعه إليه, فيأكله, ولا يقضي دينه، قال: فقل له يوكله حتى يقضيه، فظاهر هذا أنه لا يدفع الزكاة إلى الغريم إلا بوكالة الغارم لأن الدين إنما هو على الغارم, فلا يصح قضاؤه إلا بتوكيله، ويحتمل أن يحمل هذا على الاستحباب, ويكون قضاؤه عنه جائزا.

وممن رجح القول بالجواز فضيلة الشيخ ابن عثيمين، فقال رحمه الله: وهل يجوز أن نذهب إلى الدائن ونعطيه ماله دون علم المدين؟ الجواب: نعم يجوز، لأن هذا داخل في قوله تعالى: وَفِي الرِّقَابِ {التوبة: 60} فهو مجرور بفي، والغارمين عطفاً على الرقاب، والمعطوف على ما جر بحرف يقدر له ذلك الحرف، فالتقدير: وفي الغارمين، وفي لا تدل على التمليك، فيجوز أن ندفعها لمن يطلبه. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 192831.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني