الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيير الاسم...رؤية شرعية

السؤال

أصحاب الفضيلة يوجد بعض الناس يغيرون أسماءهم وأسماء آبائهم لأجل السفر للكسب فهل هذا داخل في الوعيد كما في الحديث : من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام" مع إلقاء الضوء على حكم الجنسيات من المنظور الشرعي والسلام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالأصل أن تغيير الأسماء جائز طلباً لاسم حسنٍ أو أحسن، وذلك لما رواه مسلم عن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم بدل اسم عاصية وقال: أنت جميلة. ، بل قد يكون تغيير الاسم واجباً، وذلك في حق من تسمى باسم ينافي عقيدة الإسلام كعبد المسيح أو عبد الرسول ونحوه، روى ابن أبي شيبة من حديث هانئ بن يزيد قال: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم، فسمعهم يسمون عبد الحجر، فقال له: ما اسمك؟ فقال: عبد الحجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنت عبد الله.
وقد مضى بيان ذلك في الفتوى: 20275.
وهذا الإذن من الشرع بتغيير الأسماء، لم يكن لسد الضروريات ولا الحاجيات، وإنما هو من باب التحسينيات، فإذا اضطر المرء لتغيير اسمه، أو عرضت له حاجة تستدعي ذلك، فهو جائز من باب أولى، ما لم يؤد ذلك إلى محظور شرعي، كالسفر إلى بلاد الكفر بقصد الإقامة فيها سواء كان ذلك للعمل أو النزهة، أو الانتساب إلى أب آخر، فيدخل في الوعيد المذكور في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم، فالجنة عليه حرام. رواه البخاري، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى: 13400.
ولمعرفة حكم السفر إلى بلاد الكفار والإقامة فيها راجع الفتويين التاليتين: 1818، 2007.
والحاصل أنه لا مانع من تغيير الاسم بالصورة المذكورة في السؤال، مع الالتزام بالضوابط التي أشرنا إليها، ما دام في ذلك مصلحة راجحة، وتم بدون مخالفات شرعية.
أما عن موقف الإسلام من الجنسيات، فجماعه قول الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].
فلا نسب ولا عز ولا جاه ولا سلطان ولا جنسية أرفع من التقوى. روى أحمد في مسنده، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، والناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم برجال، أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وقد تداعى بعض الأنصار والمهاجرين ذات يوم بدعوى الجاهلية، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: دعوها فإنها خبيثة. رواهما البخاري.
وإن مما يندى له الجبين، ما حصل بين المسلمين من فرقة بسبب انقسامهم إلى دويلات، مما أضعف رابطة الإسلام، وأحل مكانها القومية والوطنية، وهذا لا يعني أن الإسلام يرفض الانتماء إلى بلد معين أو أسرة معينة أو قبيلة أو عشيرة من باب التعريف والتمييز، لا من باب الفخر والتميز، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13].
والله تعالى يوفق المسلمين لما يحب ويرضى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني