الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الرقية وأخذ المال من الأم ومن الأب دون علمه للصدقة والنفقة

السؤال

نشك كثيرا في أن والدي مسحور، ومحسود، وهو غير ملتزم، ولا يؤمن بالرقية الشرعية.
فهل إذا قمت بقراءة القرآن على كأس ماء، وأعطيته إياه دون علمه أنه مقروء عليه، ليشربه، ووضعته في ماء الاستحمام، يذهب عنه السحر إن شاء الله أم يجب أن يؤمن بالرقية ليشفيه الله؟
هل يجوز الأخذ من مال الأب دون علمه للصدقة، أو الزكاة عن البيت، مع العلم أنه لو علم بذلك سيغضب. فماذا أفعل؟؟
لدي ذهب اشتراه لي من تركة جدي، لم يزكه، ولا يرضى أبدا أن أتصدق به. وأيضا أبي مقصر في حق بيته. فهل يجوز أخذ مال دون علمه لنصرف على أنفسنا؟
ولدي استفسار أخير: منذ ثلاث سنوات كنت محتاجة للمال جدا، ولم يكن أحد يصرف علي، فقمت بسرقة قطعة ذهب من أمي وبعتها، وتقول إنها لا تسامحني، ولكني أعلم أنها تسامحني في قلبها. ولقد تبت إلى الله من ذلك.
فهل علي كفارة صيام أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى لنا، ولوالدكم الشفاء والهداية.

وأما عما تشكون فيه من حصول السحر أو الحسد، فإن العلاج بالرقية الشرعية مشروع حتى لو لم يكن الشخص مصابا، وقد يحصل نفع الرقية بإذن الله تعالى إذا رقي دون علمه كما يحصل للمجانين، فكثير منهم لا يشعر أنه رقي ومع ذلك ينفعه الله تعالى بالرقية، ولا يشترط إيمانه بالرقية، فإن الكافر تجوز رقيته.

فقد جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في جواز رقية المسلم للكافر، واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ ووجه الاستدلال أن الحي ـ الذي نزلوا عليهم فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم ـ كانوا كفارا، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه. انتهى.
وأما عن الأخذ من ماله، فإنه لا يجوز الأخذ من ماله إلا بإذنه، ولو للصدقة. وإذا كان الأب لا يعطي الأبناء النفقة الواجبة عليه مع قدرته على ذلك، فللأبناء حينئذٍ الأخذ من ماله ما يكفيهم بالمعروف، ودليل ذلك حديث هند بنت عتبة عندما جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك، وولدك بالمعروف. متفق عليه.
وأما ما اشتراه لك من الذهب، فإن كان حليا، فلا تجب زكاته عند الجمهور.

وإذا كانت البنت تملكت الهبة بحوزها، فإذا لم تكن محجورا عليها بسبب سفهها أو صغرها، فليس عليها أن تستأذن أباها في التصدق، ولا في الإنفاق فيما رغب الشارع فيه، ولاسيما إذا كان غير ملتزم.

قال ابن حزم في المحلى: لا يجوز الحجر على امرأة ذات زوج، ولا بكر ذات أب، ولا غير ذات أب. وصدقتها وهبتها نافذ كل ذلك من رأس المال، إذا حاضت. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة، واحتج لذلك فقال: ولنا قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء: 6}. وهو ظاهر في فك الحجر عنهم وإطلاقهم في التصرف، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن. وإنهن تصدقن ولم يسأل، ولم يستفصل. اهـ.

وأما عما أخذته من أمك فيجب عليك استسماحها، وترضيتها، ولا تلزمك كفارة صيام.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني