الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة .. حالات الجواز والمنع

السؤال

امرأة توفيت لها طفلة، فصبرت، واحتسبت، فقامت، وسجدت سجودًا، فما حكم ذلك؟ وهل فعلها صحيح عندما سجدت في هذا الموقف؟
فتح الله علينا وعليكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن السجود في مثل هذه الحالة ليس مشهورا عند السلف، وإن جاء ما يماثله عن ابن عباس -رضي الله عنهما، وإنما المشهور والمعروف عنهم هو استرجاعهم، واحتساب الأجر عند مصيبتهم، والرضى بقدر الله تعالى.

والمدار في هذا على نية المرأة: فإن كانت سجدت لتسأل الله تعالى أن يصبرها، أو غير ذلك مما يشرع؛ فهذا جائز.

وأما التعبد بالسجود لغير سبب يقتضيه: فلا يشرع، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفروع لابن مفلح: ولو أراد الدعاء، فعفر وجهه لله بالتراب، وسجد له ليدعوه فيه، فهذا سجود لأجل الدعاء، ولا شيء يمنعه، وابن عباس سجد سجودا مجردا، لما جاء نعي بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال عليه السلام: إذا رأيتم آية فاسجدوا، وهذا يدل على أن السجود يشرع عند الآيات. فالمكروه هو السجود بلا سبب. اهـ

وقال ابن حجر الهيتمي في المنهج القويم: يحرم التقرب إلى الله تعالى بسجدة بلا سبب، ولو بعد الصلاة.

وقال أبو شامة -رحمه الله- في الباعث على إنكار البدع والحوادث: والشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله تعالى في السجود إلا في الصلاة، أو لسبب خاص في سهو، أو قراءة سجدة ... إلى أن قال: وقال صاحب التتمة: جرت عادة بعض الناس بالسجود بعد الفراغ من الصلاة يدعو فيه، قال: وتلك سجدة لا يعرف لها أصل، ولا نقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، والأولى أن يدعو بالصلاة؛ لما روي من الأخبار فيه، قلت -وما زال الكلام لأبي شامة رحمه الله-: وَلَا يلْزم من كَون السُّجُود قربَة فِي الصَّلَاة أَن يكون قربة خَارج الصَّلَاة كالركوع. قَالَ الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد: لم ترد الشريعة بالتقرب إلى الله تَعَالَى بِسَجْدَة مُنْفَرِدَة لَا سَبَب لَهَا، فَإِن الْقرب لَهَا أَسبَاب، وشرائط، وأوقات، وأركان لَا تصلح بِدُونِهَا، وكما لَا يتَقرَّب الى الله تَعَالَى بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَة، ومزدلفة، وَرمي الْجمار، وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة من غير نسك وَاقع فِي وقته بأسبابه وشرائطه؛ فَكَذَلِك لَا يتَقرَّب إلى الله تعالى بِسَجْدَة مُنْفَرِدَة، وإن كَانَت قربَة، إذا كَانَ لَهَا سَبَب صَحِيح. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني