الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل

السؤال

إذا كان الزوج سليط اللسان، فهل للزوجة ثواب على ذلك؟ وإذا كان الرجل لا يترك فرضاً إلا ويصليه في المسجد. فهل هو مثل المرأة التي في النار، والتي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سألوه إن فلانة تصوم وتصلي ولكنها سليطة اللسان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على كل من الزوجين أن يرعى حق الآخر، حفاظاً على كيان الأسرة وحماية لها من التفكك والانهيار، وإن من أهم ما يستجلب القلوب ويستميلها الكلام الطيب اللين، فقد قال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة:83]. وقال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً [الإسراء:53].

وقال صلى الله عليه وسلم: ....... ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. رواه البخاري. وقال: ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذي.

إلى غير ذلك من النصوص الحاضة على التحلي بحسن الخلق عموماً، وحفظ اللسان من السقطات والهفوات وبذيء الكلام، وإذا كان هذا مما أمر به الشرع مع عموم الناس، فهو في حق الأزواج آكد؛ لقوة الرابطة التي بينهم، ولطول الملازمة في البيت والفراش، وليكونا قدوة لأبنائهما قبل كل شيء، وقد سبق التنبيه على ذلك في أكثر من فتوى منها الفتاوى التالية: 20155، 20999، 22559، 69.

أما عن الحديث المذكور في السؤال، فقد رواه الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها! قال: هي في النار، قال: يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في الجنة. وحسنه الأرناؤوط.

وهذا غير مستبعد.. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. رواه مسلم في صحيحه. وقال صلى الله عليه وسلم: ........ وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل. حسنه الألباني.

ولذلك؛ فإننا ننصح هذا الزوج بالتوبة مما حصل منه، وبالإقلاع عنه، والندم على ما فعل منه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، خشية وقوعه تحت هذا الوعيد الشديد الذي لا يرضى به مؤمن لنفسه، ونوصي الزوجة بالصبر على زوجها، والقيام بواجب نصحه، وعدم اليأس من صلاحه، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء، فهو خير مسؤول وأكرم مأمول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني