الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعانة على شرب الخمر بأي وجه محرمة

السؤال

أعمل نادلا في أحد المطاعم العربية بكندا التي تبيع الأكل الحلال ولا تبيع الخمر، واتفقت في أول الأمر مع صاحب المحل أن أعمل معه لمدة لا تقل عن السنتين بالأجر الأدنى مقابل أن يساعدني في الحصول على الإقامة بتقديم دعم كتابي في الملف الذي سأتقدم به، لكنه في الأشهر الأخيرة بدأ بالسماح للحرفاء بأن يجلبوا قوارير خمر على أن نقدم لهم الكؤوس ليشربوها دون مقابل وقد اختلفت معه بسبب رفضي لفتح القوارير للحرفاء، لكنه في الأخير لم يرغمني على ذلك وتعلل بأنه إذا سمح للحرفاء أن يجلبوا قوارير خمرهم سيحسون بالراحة وسيشجعهم ذلك على القدوم إلى المطعم، بالإضافة إلى أننا في بلدهم وليس لنا الحق أن نمنعهم من أن يستمتعوا بوقتهم بشرب الخمر مع الأكل الحلال إذا أرادوا ذلك، واتفقت معه أيضا على أن أقدم له البقشيش اليومي كباقي الزملاء على أن يجمعه ويقسمه بالنسب بين كل العمال في المطعم حتى هو نفسه حين يأتي لمساعدتنا فإنه يأخذ جزءا منه، وحسب قوله فإن البقشيش الذي يعطيه لنا يمكن اعتباره أجرا إضافيا لكنني لا أرى أنه يقسمه بطريقة عادلة على الرغم من أنه يعطيني أكثر نسبة من البقشيش مقارنة بالآخرين، فهو لا يعلم قيمة البقشيش التي أدخلها كل نادل بالإضافة إلى أنه يعطي 40 في المائة من البقشيش إلى الطهاة وقبلت بقوانين اللعبة في الأول لكنني بدأت أتململ من هذه الطريقة، وبعد 10 أشهر من العمل معه بدأت أنزعج ولا أحس بالراحة والارتياح للعمل معه على الرغم من محاولة إظهار طيبة قلبه لنا، فهل يجوز أن أنقض عهدي معه؟ وهل ما يفعله صحيح في التصرف في البقشيش والسماح للحرفاء بإدخال قوارير خمرهم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لصاحب المطعم أن يسمح لمرتاديه بتناول الخمر فيه، ولا يجوز للعاملين أن يعينوهم على ذلك بأي شيء يتعلق بالخمر، لا بفتح القوارير، ولا بحمل الكؤوس، ولا غير ذلك، سواء أكان ذلك بمقابل أو بدون مقابل، فإن الخمر ملعونة هي وما يتصل بها من أسباب شربها، فعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أتاني جبريل فقال: يا محمد؛ إن الله عز وجل قد لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة، إليه وبائعها، ومبتاعها وساقيها، ومستقيها. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني.

وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامه: 38544، 51032، 124854.

وأما بالنسبة لما سماه السائل بالبقشيش: فلا يجوز أخذه إلا بعلم صاحب المطعم، فإن أذن فيه على أن يُرَّد إليه ويعيد هو تقسيمه بينه وبين العاملين في المطعم، فلا بأس بذلك، ولا يجوز حينئذ لأحد من العمال أن يخص نفسه بشيء من ذلك، وراجع الفتوى رقم: 115072، وما أحيل عليه فيها.

وأما بالنسبة لنقض العهد: فإن كنت قد اتفقت مع صاحب المطعم على مدة عمل لا تقل عن سنتين، فيجب الوفاء بذلك، لأن عقد الإجارة عقد لازم طيلة مدة العقد، ولا يجوز لأحد الطرفين فسخه إلا لسبب يقتضي الفسخ، وقد اختلف الفقهاء في فسخ الإجارة للعذر، والراجح ـ وهو مذهب الجمهور ـ أنها لا تفسخ إلا بعذر شرعي، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 46107.

ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 216070.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني