الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل مع الأب الذي يدير أعماله بأموال ربوية

السؤال

أبي رجل أعمال، يستعمل مال البنوك الربوية، ويريدني أن أعمل معه. وهو مريض بكثير من الأمراض. هو أب صعب جدا جدا جدا، متعلق بالمادة والأعمال. أنا في موقف صعب جدا فهو لا يقتنع. جلس ينتظر حتى أتخرج، ولكن إيماني يغنيني عن كل أموال الدنيا. لقد كنت مريضا لمدة خمس سنوات بمرض عصبي، وراثي، وتعرضت لعذاب الموت كان أرحم بمراحل منه، لكن بفضل الله وحده شفيت والحمد لله فلم أجد أحدا يساعدني. على العكس فقد كانت أمي تخبئ عني الطعام، وتقوم بالنميمة لأبي. لقد كان لأبي دور كبير في مرضي؛ لأنني تعرضت لكثير من الصدمات نتيجة تصرفاته، فأسهل ما ينطقه هو سب الجلالة، وسبنا نحن أفراد العائلة حتى أمام الناس. أما نزواته فصعقت بها عديد المرات. لقد مرضت قبل امتحان المهندسين بشهرين. قبل مرضي كان قلبي يشع بنور الإيمان بالله ونور العلم، ولولا هذا النور لما صبرت يوما، ولما احتمل جسدي كل هذا العذاب. إن جسدي لم يعد يحتمل فهو الآن يهدد بالطلاق في سن 64 وتونس كما تعرفون بعيدة جدا عن الدين، فمظاهر الفساد هنا يقشعر لها القلب المؤمن.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفقك ويزيدك ثباتا، وأن يفتح قلب أبيك للهدى، ونوصيك بالصبر على ما ابتليت به؛ فالصبر أوسع عطاء يعطاه العبد، ولا تيأس من دعوة والديك، فالقلوب بيد الله يصرفها كيف شاء، ومهما بلغ والداك في الإساءة والعصيان فإن ذلك لا يسقط حقهما عليك في الإحسان والصلة، ولعل برك بهما يكون سببا لهدايتهما، ولترفع أكف الضراعة إلى الله أن يشرح صدورهما للهدى.

وأما عن حكم عملك مع أبيك فيقال: إن كان في عملك إعانة مباشرة له على أكل الربا، فلا يجوز لك العمل، فإن من الأمور المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وأما إن كان عملك مع أبيك في مجالات مباحة، وليس فيه إعانة مباشرة له على الربا، فلا حرج عليك فيه، فالتعامل مع آكل الربا ليس بمحرم بإطلاق. قال ابن عثيمين: وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب .اهـ. من تفسير سورة البقرة. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 70264 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني