الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب الإمام مالك في ثبوت الرضاع

السؤال

منذ صغري وأنا أعلم أن لي أخا من الرضاعة ـ عبد الرحمن ـ من أمه فاطمة، لكنني اليوم وبعد التزامي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم تركت مصافحة النساء الأجنبيات، فقالت لي أمي من الرضاعة فاطمة أنها أرضعت فتاة اسمها الشيماء، مع عبد الرحمن الذي أرضعتني معه من ثديها، وسؤالي لفضيلتكم كالآتي: هل الشيماء التي رضعتُ معها من فاطمة تعتبر أختي من الرضاعة؟ وإن كانت كذلك، فهل أبَوَاهَا يعتبران أبويَّ كذلك؟ وللإشارة لفضيلتكم فأنا من المغرب على مذهب الإمام مالك رحمه الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلو ثبت الرضاع كانت الشيماء أختك من الرضاعة، وأما أبواها من النسب فليسا أبويك، إنما أمك من الرضاعة فاطمة المرضعة، وأبوك هو زوجها الذي ثاب بسببه اللبن، جاء في شرح الخرشي ممزوجاً بمختصر خليل بن إسحاق المالكي: ص: وَقُدِّرَ الطِّفْلُ خَاصَّةً وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ مِنْ وَطْئِهِ، ش: يَعْنِي أَنَّ الطِّفْلَ الرَّضِيعَ إذَا شَرِبَ لَبَنَ امْرَأَةٍ وَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَلَدًا لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ تَقْدِيرًا، حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، وَيَكُونُ وَلَدًا لِصَاحِبِ اللَّبَنِ أَيْضًا.

ثم اعلم أنه على مذهب مالك لا تكفي شهادة امرأة واحدة على الرضاعة وإن كانت عدلة، جاء في شرح الخرشي: ص: وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا قَبْلَ الْعَقْدِ، ش: يَعْنِي أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، يُرِيدُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فَاشِيًا قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ قَوْلِهِمَا، وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ، يُرِيدُ إنْ كَانَ فَاشِيًا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَسَوَاءٌ كَانَتَا أُمَّهَاتِهِمَا أَوْ أَجْنَبِيَّتَيْنِ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا النِّسَاءُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَاشِيًّا قَبْلَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ، فَشَرْطُ الْفُشُوِّ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَشْوُ فِي ذَلِكَ وَبِعِبَارَةِ: وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَيْ وَلَيْسَ الرَّجُلُ أَبًا، وَلَا الْمَرْأَةُ أُمًّا لِأَحَدِهِمَا، وَقَوْلُهُ وَامْرَأَتَيْنِ أَيْ وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أُمًّا لِأَحَدِهِمَا، وَقَوْلُهُ بِرَجُلَيْنِ أَيْ أَجْنَبِيَّيْنِ، وَقَوْلُهُ لَا بِامْرَأَةٍ أَيْ: وَلَيْسَتْ أُمًّا لِأَحَدِهِمَا، لِأَنَّهَا تَقَدَّمَتْ، فَلَا تَكْرَارَ، ص: وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ تَرَدُّدٌ، ش: أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ فِي الصُّورَتَيْنِ إذَا كَانَا فَاشِيًّا فَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ الْفُشُوِّ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ ثُبُوتُ عَدَالَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَوْ عَدَالَةُ الْمَرْأَتَيْنِ، أَوْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْفُشُوِّ تَرَدُّدٌ ص: وَبِرَجُلَيْنِ لَا بِامْرَأَةٍ وَلَوْ فَشَا، ش: يَعْنِي أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَشَا أَمْ لَا، وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَلَوْ فَشَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَتْ عَدْلَةً، ص: وَنُدِبَ التَّنَزُّهُ مُطْلَقًا، ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّنَزُّهُ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ لَا تُوجِبُ فِرَاقًا بِأَنْ كَانَتْ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمَا أَوْ أَجْنَبِيَّةً، أَوْ كَانَتْ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَحْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا أَوْ كَانَتْ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فُشُوٌّ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَمَعْنَى التَّنَزُّهِ بِأَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً أَوْ يُطَلِّقَهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَةً. انتهى.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 28816.

وراجع الفتوى رقم: 158511.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني