الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تكليف ولا مؤاخذة قبل البلوغ

السؤال

هل يحاسب الله عز وجل الفتاة على تقصيرها في العبادات قبل بلوغها سن التكليف، وبالتالي فهل يجب عليها أن تتحلل من الغيبة، وتقضي ما أفطرته من رمضان وغيره؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا مؤاخذة على الفتاة قبل بلوغها، ولا يلزمها قضاء الصوم؛ لما في حديث السنن: رفع القلم عن ثلاث ... وعد منها الصبي حتى يحتلم.

ومثل ذلك الصلاة، فلا يلزم قضاؤها إذا فرط فيها الصبي، ولكنه ينبغي أمره بها ليتعود عليها من الصغر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين؛ وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبوداود وغيره، وإسناده حسن صحيح؛ كما قال الشيخ الألباني.

وقال ابن قدامة في المغني معلقا على هذا الحديث الشريف: وهذا الأمر والتأديب المشروع في حق الصبي لتمرينه على الصلاة، كي يألفها ويعتادها، ولا يتركها عند البلوغ، وليست واجبة عليه في ظاهر المذهب. ومن أصحابنا من قال: تجب عليه لهذا الحديث، فإن العقوبة لا تشرع إلا لترك واجب؛ ولأن حد الواجب: ما عوقب على تركه، ولأن أحمد قد نقل عنه في ابن أربع عشرة: إذا ترك الصلاة يعيد. ولعل أحمد، - رحمه الله - أمر بذلك على طريق الاحتياط؛ فإن الحديث قد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ» . ولأنه صبي فلم يجب عليه كالصغير، يحققه أن الصبي ضعيف العقل والبنية، ولا بد من ضابط يضبط الحد الذي تتكامل فيه بنيته وعقله، فإنه يتزايد تزايدا خفي التدريج، فلا يعلم ذلك بنفسه، والبلوغ ضابط لذلك، ولهذا تجب به الحدود، وتؤخذ به الجزية من الذمي إذا بلغه، ويتعلق به أكثر أحكام التكليف، فكذلك الصلاة. وقول أحمد في ذلك يحمل على سبيل الاحتياط، مخافة أن يكون قد بلغ، ولهذا قيده بابن أربع عشرة، ولو أراد ما قالوا لما اختص بابن أربع عشرة دون غيره. انتهى. ولمزيد فائدة راجعي الفتوى رقم: 126989.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني