الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط جواز النظرة الشرعية، وتحديد الولي الشرعي

السؤال

هل يجوز لرجل ملاقاة امرأة لغاية الزواج، للنظرة الشرعية، والاتفاق على مسائل الزواج، مع حضور أختها وزوج أختها؟ علمًا أن أباها في سفر، وأخاها يرفض السماع عن مسألة زواج أخته.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا تحققت شروط النظرة الشرعية كانت الملاقاة جائزة، مع لزوم مراعاة الضوابط الشرعية للكلام بين الجنسين.

وشروط جواز النظرة الشرعية هي:

1/ غلبة الظن بإجابة المرأة، ووليها الشرعي إلى نكاحها.

2/ وأن تكون النظرة بعد العزم على نكاحها، وقبل الخطبة على المختار، وهو قول الشافعية، والحنابلة.

3/ وألا يكرر النظر إليها إلا بقدر الحاجة.

4/ وألا يرى منها إلا الوجه والكفين على الصحيح عند الجمهور.

5/ وأن يأمن على نفسه الشهوة، وهو الأحوط، واختاره الحنابلة.

6/ وألا تكون النظرة بلذة، كما ذكره المالكية.

7/ وألا يخلو بها، وفاقًا بين الفقهاء، وهذا الشرط يتحقق بحضور الأخت وزوجها، كما في السؤال.

وأهم هذه الشروط في محل السؤال هو الشرط الأول لأنه مرتبط بولاية النكاح، فقد قال المرداوي في الإنصاف: قُلْت: وَيَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَنْ إذَا خَطَبَهَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَتُهُ إلَى نِكَاحِهَا، وَقَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، قُلْت: وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَهُوَ مُرَادُ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ قَطْعًا.

فإن علم أن الولي لا يجيبه لم تجز النظرة، قَالَ الحفاظ ابْنُ الْقَطَّانِ الفاسي فِي أَحْكَامِ النَّظَرِ: فَإِنْ عَلِمَ الْخَاطِبُ أَنَّهَا لَا تُجِيبُهُ هِيَ, أَوْ وَلِيُّهَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَطَبَ. وقال الخرشي في شرحه على المختصر مرتبين: (ص) وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ إذَا رَجَا أَنَّهَا وَوَلِيَّهَا يُجِيبَانِهِ إلَى مَا سَأَلَ، وَإِلَّا حَرُمَ نَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمِهَا بِلَا لَذَّةٍ.

وفي مسألتنا هذه لا بد من معرفة من هو الولي الشرعي، فالأخت لا تصلح لولاية النكاح لاشتراط الذكورة فيها، وكذلك لا يصلح زوج الأخت وليًا لانتفاء سبب الولاية، وهو القرابة.

وأما الأب فهو أول الأولياء عند الجمهور، وهو المختار، وتثبت له الولاية بالقرابة إذا تحققت فيه شروطها، وانتفت موانعها، وقد بينا الشروط في الفتوى: 12779 ، ومن الموانع أن يؤدي سفره لغيبة منقطعة لا يمكن معها التواصل معه، وأخذ رأيه في الخطّاب ، كما بيناه في الفتوى: 115155 ، ومنها عضل موليته بأن يكون المتقدم كفؤًا، ويرفض تزويجه بغير مسوغ شرعي، أو يرفض الكلام في مسألة زواج موليته أصلًا، كحال هذا الأخ،. ويضاف للأخ شرط أن يكون أحق بالولاية من غيره، وترتيب الأولياء في النكاح حسب الاستحقاق تقدم بيانه في الفتويين رقم: 129293، ورقم: 115155 ، ولا تنتقل الولاية عن الأقرب لمن يليه إلا باختلال الشروط، أو قيام الموانع بالأقرب، ويرجع في تقدير ذلك إلى المحكمة الشرعية؛ لأن حكم القاضي يرفع الخلاف في مسائل النكاح.

فإذا حددت المحكمة الشرعية من له ولاية النكاح، فيكفي لجواز الملاقاة المذكورة غلبة الظن بإجابته الناكح إلى طلبه، مع توفر سائر الشروط المتقدمة، وإلا فلا تجوز الملاقاة المذكورة.

وينظر في ضوابط العلاقة بين المخطوبين الفتاوى: 138733، 47574، 17486.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني