الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال الأشياء الملعونة والانتفاع بها

السؤال

كيف نتعامل مع الشيء الذي لعن من قبل شخص مثل رجل يلعن سيارته؟ وهل نركب في هذه السيارة؟ أو يلعن قلما، وهل يستعمل هذا القلم أو لباسا؟ وهل يرمى مثل اللباس أو القلم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالشيء الملعون لا تحرم الاستفادة منه، لأن المراد من حديث مسلم الذي ورد في عدم مصاحبة الملعون وهو: عن عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. وروى أحمد نحوه من حديث عائشة، وفيه: لا يصحبني شيء ملعون.

المراد من هذين الحديثين هو النهي عن مصاحبة هذه الناقة الملعونة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قال النووي: واعلم أن هذا الحديث قد يستشكل معناه ولا إشكال فيه، بل المراد النهي أن تصاحبهم تلك الناقة، وليس فيه نهي عن بيعها وذبحها وركوبها في غير صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، بل كل ذلك وما سواه من التصرفات جائز لا منع منه إلا من مصاحبته صلى الله عليه وسلم بها، لأن هذه التصرفات كلها كانت جائزة، فمنع بعض منها فبقي الباقي على ما كان. والله أعلم. انتهى.

وقال ابن مفلح في الفروع: فيتوجه احتمال أن النهي عن مصاحبتها فقط، ولهذا روى أحمد من حديث عائشة أنه عليه السلام أمر أن ترد وقال: لا يصحبني شيء ملعون، ويحتمل مطلقا من العقوبة المالية لينتهي الناس عن ذلك هو الذي ذكره ابن هيبرة في حديث عمران، ويتوجه على الأول احتمال إنما نهى لعلمه باستجابة الدعاء، وللعلماء كهذه الأقوال. انتهى.

هذا، وننبه إلى أنه قد نص أهل العلم على أنه لا يجوز لعن الحيوان والجماد، كما نص عليه الغزالي في إحياء علوم الدين والنووي في الأذكار، ومن الأدلة على ذلك: حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا، فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ ـ قَالَ عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ، مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ. رواه مسلم.

ومن ذلك أيضا ما ورد في سنن أبي داود عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا. حسنه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني