الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للمرأة الحق في رفض الإنجاب المتكرر مع رغبة الزوج في ذلك

السؤال

زوجي يريد أن أنجب أطفالا متتالين دون فارق زمني بينهم، ويريد عند خروجي من الأربعين أن لا أستعمل أي مانع للحمل كوسيلة تنظيم.. وعندي طفل عمره 4 شهور وحامل منذ كان في الشهر الثاني، وأنا الآن في بداية شهري الثالث، ومنذ ولادتي لطفلي الأول إلى الآن وأنا مصرة على المباعدة لوقوع الضرر علي، لعدم قدرتي على التوفيق بين الأطفال ولما يتسبب لي فيه من الإرهاق العقلي والنفسي والجسدي وقلة النوم وعدم القدرة على التوفيق بين الأطفال بإعطاء كل واحد حقه في الدلال واللعب والطفولة الكاملة لانشغالي عنه بمن هو أصغر منه لأولوية الأصغر سنا، وعمري 20 سنة، وزوجي عمره 23 سنة، ونحن في بداية حياتنا الزوجية وأرغب في الاستمتاع بها دون الانشغال بالمسؤوليات الكثيرة، لأنني أحب زوجي ودائما أتوق للسهر معه والتزين له إلا أن ذلك كله سيقل مع كثرة المسؤوليات، والدليل هو تجربتي مع طفلي الأول، وزوجي الآن في عنفوان الشباب وكان وحيدا ليس لديه إخوة ويرغب أن يرى البيت ممتلئا بالأطفال، ولكن عندما يتقدم في الحياة الزوجية سيمل من حال الاكتظاظ ويطلب زوجة له ليستمتع بها متى شاء، ودائما أنا حاضرة له، وهو من محبي الجماع والاستمتاع والتزين كثيرا، ولكن ولاداتي المتكررة دون وقت ومباعدة ستتعبني جسديا بالتأثير على أعضائي وجسمي، ومما قد يتسبب في ارتخاء الرحم، وهشاشة العظام ونقص الكالسيوم.. وسيؤثر على نفسيتي بحرماني من الكثير من الاستمتاع في سن الشباب الذي سيضيع في المسؤوليات والتربية فقط، ومما سيجعل زوجي يتزوج من أخرى ليستمتع بمطالبه، لأنني لن أكون قادرة على تلبيتها كلها كما يحب، وعندما طلبت المباعدة رفض بشدة وهددني بأنه لن يقربني إذا بقيت مصرة على رأيي، وأنا مصرة جدا لرؤيتي المستقبلية التي يجهلها، وغير مقتنع بما ذكرت ولكنه لمصلحة كل منا، فهل سأكون آثمة عند إصراري وبالتالي تركه لجماعي؟ وما هو حكم إصرار زوجي على عدم المباعدة رغم الأسباب التي ذكرتها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز للمرأة الإصرار على عدم الإنجاب المتكرر إذا ترتب عليه ضرر محقق عليها أو على صغارها، بشهادة أهل الاختصاص من الأطباء الثقات، لأن الضرر يزال، ولأن درء مفسدة الضرر الواقع عليهما مقدم على جلب مصلحة كثرة الأولاد، وكلاهما من القواعد الفقهية المقررة، وقد نصّ الفقهاء على ذلك في سبب الإنجاب وهو الجماع، قال الحجاوي في الإقناع: وَلِلزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعُ بِزَوْجَتِهِ كُلَّ وَقْتٍ... مَا لَمْ يُشْغِلْهَا عَنْ الْفَرَائِضِ أَوْ يَضُرُّهَا. اهـ

فكذلك ما يترتب عليه وهو الإنجاب، على أنه لا ملازمة بين الجماع والإنجاب، فليس لها الامتناع عن الجماع في فترة التضرر بالإنجاب إذا أمكنها تجنب الإنجاب بالطرق الآمنة المتبعة لذلك، ومنها: جماع الحامل، والجماع في فترة عدم الإخصاب، والعزل، واستعمال العوازل عند الجماع. وليس للزوج أن يصر على الإنجاب في هذه الحالة، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد، وصححه الألباني.

وأما مع انتفاء الضرر: فتأثم المرأة بالإصرار على حرمان الزوج من حقه في الولد وعلى عدم الجماع، فقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.

وراجعي فتوانا رقم: 173079.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني