الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القيام للناس يأتي على أربعة أوجه

السؤال

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله السلام عليكم ورحمة الله هل يجوز الوقوف أمام القائد العسكري باستعداد أي من دون حركة عند دخوله لميدان العرض العسكري مع الموسيقى المصاحبة لدخوله وخروجه علماً أن غيابي يؤدي إلى تحقيق وخصم ثم إذا تكرر يؤدي إلى الحبس

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد أخرج الترمذي في سننه قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه، فقال: اجلسا! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سره أن يتمثل له الرجال قياماً، فليتبوأ مقعده من النار"
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي عن أبي الوليد بن رشد: القيام على أربعة أوجه:
الأول: محظور، وهو: أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبراً وتعاظماً على القائمين إليه.
الثاني: مكروه، وهو: أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة.
الثالث: جائز، وهو: أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمَن معه التشبه بالجبابرة.
الرابع: مندوب، وهو: أن يقوم لمن قدِم من سفر فرحاً بقدومه ليُسلم عليه، أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها، أو مصيبة فيعزيه بسببها.
وبالتأمل في هذا الحديث والتفصيل الذي ذكره ابن رشد نجد أنه لا يجوز القيام والوقوف أمام القائد دون حركة تعظيماً له عند دخوله أو خروجه.
وهذا النوع من القيام ينطبق عليه الحديث، والقسم الأول من أقسام القيام الأربعة المذكورة.
والحقيقة أن هذا النوع من المراسيم كغيره من مراسيم الجبابرة دخيلة على العرب والمسلمين، وكانت موجودة عند الأعاجم في الجاهلية، فكانوا يسجدون ويركعون وينحنون، ويقومون على عظمائهم وقادتهم، وهي من موروثات الاستعمار التي خلفها في بلاد المسلمين، فلم يكن ذلك يفعل في العهد النبوي، أو الراشدي، أو من بعدهم.
وهذا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ففي سنن ابن ماجه قال: لما قدم معاذ رضي الله عنه من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما هذا؟" قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم (يعني عظماءهم)، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
وأما ما يخص الموسيقى، فإنها لا تجوز، ولا يجوز للمسلم سماعها، فقد أخرج البخاري وغيره عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخمر، والحِرَ، والحرير، والمعازف".
وإذا كان التغيب عن هذه المنكرات يسبب لك ضرراً لا تستطيع تفاديه، فعليك بالبحث عن عمل غير هذا العمل الذي يفرض عليك ممارسة المنكر ومشاهدته، وسييسر الله تعالى، ويهيئ لك من وسائل الكسب الحلال ما تستغني به عن هذا النوع من العمل.
قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني