الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوعيد على طلب المرأة الطلاق بغير عذر أم على وقوعه؟

السؤال

في حديث: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. أو كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.
السؤال: هل العقاب في الحديث مترتب على مجرد طلب المرأة للطلاق، أم على وقوع الطلاق فعليا بعد طلب الزوجة؟
إن كانت الأولى، فكثير من النساء هالك، وإن كانت الثانية فبعض النساء ناج؟

الإجابــة

خلاصة الجواب :

الوعيد مرتب على مجرد طلب الطلاق بغير مسوغ شرعي، كماهو ظاهر الحديث لا على وقوعه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تقدم تخريج هذا الحديث وبيان شرحه في الفتوى رقم: 40543، وقد اشتمل الحديث الشريف على شرط وجزاء:

أما الشرط فعامة الشراح أجروا الشرط على ظاهره في العموم، بل أدخلوا في عمومه سؤال الزوجة الطلاق بعوض وهو الافتداء. قال العيني في العمدة على البخاري: وَأما إِذا لم يكن لَهَا عذر، وَسَأَلت الافتداء مِنْهُ، فقد دخلت فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّمَا امْرَأَة سَأَلت زَوجهَا طَلاقهَا من غير بَأْس، فَحَرَام عَلَيْهَا رَائِحَة الْجنَّة. أخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ثَوْبَان. اهـ.

إلا أن ما يخفف من وطأة الجزاء، القيد الذي ورد في الشرط وهو قوله عليه السلام: (من غير ما بأس).

فقد بيّن الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله تعالى ـ ما يندرج تحت ذلك فقال: إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها كاتصافه بالشدة والحدة، وسرعة التأثر وكثرة الغضب، والانتقاد لأدنى فعل، والعتاب على أدنى نقص، فلها الخلع.

ثانياً: إذا كرهت خِلقته كعيب، أو دمامة، أو نقص في حواسه فلها الخلع.

ثالثاً: إذا كان ناقص الدين بترك الصلاة، أو التهاون بالجماعة، أو الفطر في رمضان بدون عذر، أو حضور المحرمات كالزنا والسكر، والسماع للأغاني والملاهي ونحوها فلها طلب الخلع.

رابعاً: إذا منعها حقها من النفقة، أو الكسوة، أو الحاجات الضرورية وهو قادر على ذلك فلها طلب الخلع.

خامساً: إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها لعُنّة (عيب يمنع القدرة على الوطء) فيه، أو زهد فيها، أو صدود إلى غيرها، أو لم يعدل في المبيت. فلها طلب الخلع، والله أعلم. اهـ.

وأما الجزاء: فلا يلزم من الوعيد بتحريم رائحة الجنة، الخلود في النار، ولا تحريم دخول الجنة كما يوضحه كلام المباركفوري في تحفة الأحوذي على الترمذي كما في الفتوى المحال عليها، لكن الوعيد كاف لجعلها كبيرة.

فقد قال الإمام الهيتمي في الزواجر: باب الطلاق (الكبيرة الحادية والثمانون بعد المائتين: سؤال المرأة زوجها الطلاق من غير بأس) وذكر الحديث. ثم قال:عد هذا كبيرة هو صريح هذا الحديث الصحيح؛ لما فيه من هذا الوعيد الشديد. اهـ.

وفي خصوص أن كثيرا من النساء هالك، وأن البعض منهم فقط هو الناجي. فهذا صحيح على كل التقديرات، وهو حال الرجال أيضا، ولكن لا يمكن تحديد نسبة الهلاك ولا النجاة في أي من الجنسين؛ لأن ذلك من علم الغيب الذي لا يمكن القول فيه إلا بتوقيف من الشارع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني