الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المسنون قوله عند سماع صوت الديكة ونهيق الحمار

السؤال

قرأت هذا الحديث: عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سمعتم الديكة تصيح بالليل فإنها رأت ملكا، فسلوا الله من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير فإنها رأت شيطانا، فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم "
وسؤالي أولا: ما صحة هذا الحديث؟
ثانيا: إذا كان صحيحا هل يعني أن سماع صوت الديك ونهيق الحمار نهارا لا نقول الدعاء؟
وعند سماع صوت الديك هل نقول أسأل الله من فضله؟ أم أن هناك دعاء آخر؟
أفيدونا، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث صحيح، وانظر الفتوى رقم: 117207.

وقد جاء الحديث غير مقيد بالليل في الصحيحين؛ قال النووي في الأذكار: (بابُ ما يقولُ إذا سمع صِياحَ الدِّيكِ ونهيقَ الحِمار ونُباحَ الكَلْبِ): روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " إذَا سَمِعْتُمْ نُهَاقَ الحَمِيرِ فَتَعَوَّذُوا بالله مِنَ الشَّيْطانِ، فإنَّهَا رأتْ شَيْطاناً، وَإذا سَمِعْتُمْ صِياحَ الدّيَكَةِ فاسْأَلُوا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فإنَّها رأتْ مَلَكاً ".انتهى.

وقد فهم أكثر العلماء من الحديث العموم، ولم يخصوه بالليل، كما سبق في كلام النووي، وبوب البخاري في الأدب المفرد: بَابُ إِذَا سَمِعَ الدِّيَكَةَ. وبوب الطبراني في الدعاء: بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ صُرَاخِ الدِّيَكَةِ وَنَهِيقِ الْحِمَارِ وَنُبَاحِ الْكَلْبِ، ونحو ذلك البيهقي في الدعوات الكبير.

وجاء في كشاف القناع: ويسن... وَإِذَا سَمِعَ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ.

قَالَ فِي " الْآدَابِ ": يُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْقِرَاءَةِ لِذَلِكَ، كَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ يَقْطَعُهَا لِلْأَذَانِ، ظَاهِرُهُ: وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ.

ونقل القاري عن الداودي: ليس المعنى أنها لا تصوت إلا إذا رأت ملكًا أو شيطانًا، فإن صياح الديكة وكذلك نهيق الحمار، كثيرًا ما يكون لعوارض وأسباب غير رؤية الملك والشيطان، بل المعنى أن صوتهما قد يكون لذلك أيضًا، فلا يتعين أي الأصوات لذلك وأيها لغيره، فيستحب الدعوة والتعوذ عند كل تصويت منهما، ليقع البعض منهما موقعهما، وإن لم يقع الكل مقام الرؤية، مع أن زيادة الدعاء والتعوذ مطلوبة، وإن لم يكن في محل إجابة، وكذلك حضور شيطان ووجوده لا يتوقف التعوذ عليه لأن الإنسان أحوج ما يكون إليهما، فكان تعميم الأمر بالدعاء والتعوذ عند كل صياح ديك ونهيق حمار كتعميم أمر العبادة في ليالي القدر تحريًا لمظان القبول. انتهى

ومن أهل العلم من قيد كونه وقت إجابة بالليل كابن رجب في جامعه، ونقله النفراوي في الفواكه الدواني عن الأقفهسي.

وليس المقصود أن تقول: اللهم إني أسألك من فضلك، ولكن المعنى أن تسأل الله عموماً، لا بخصوص هذا الدعاء، ولذلك جاء في رواية في مسند أحمد: فاسألوا الله وارغبوا إليه، وانظر الفتوى رقم: 73993.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني