الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع الزكاة لمن لا يكفيه دخله وهل يلزم إعلامه أنه زكاة

السؤال

تقدم ابني لخطبة فتاة يتيمة، تعيش مع أخت لها (متزوجة، وأقامت دعوى لتطليقها من زوجها سيئ الخلق، والذى يسيء معاملتها بعدما اكتشفت أنه يتعاطى المسكرات، والمخدرات، ويصادق النساء والعياذ بالله بعد زواجهما) والاثنتان لا دخل لهما تقريباً سوى معاش زهيد للغاية وإن كانتا تسكنان في منزل تمتلكانه، ولكن لا يمكنهما بيعه، لوجود قضايا متداولة بشأنه أمام المحاكم حالياً، ومنذ فترة طويلة.
وقد قمت أنا وابني بتحديد مبلغ شهري لهما (من مال الزكاة دون أن نخبرهما بذلك) مناسب لاحتياجاتهما، وإعانتهما على ظروف الحياة ينفقان منه بالكاد على المأكل، والمشرب، والملبس في أضيق الحدود حيث لا يوجد من يساعدهما سوانا لعفة نفسيهما، وعدم إخبارهما لأحد بظروفهما القاسية.
وسؤالي هو: هل يحتسب ما ننفقه على خطيبته، وأختها من مال الزكاة حيث إنه لم يتزوجها بعد (علماً بأنه لا يتم الإنفاق من هذا المبلغ في أي احتياجات، أو لوازم، أو حتى ملابس تخص الزواج وقد تكفل بها ابني كاملة) وعلماً بأنه يتم الإنفاق بجزء منها على القضايا الخاصة بالمنزل المتنازع عليه، وكذا قضية طلاق أختها؟
وهل إذا اشترت خطيبته بجزء من هذا المبلغ شيئا يخص زواجهما، أو هدية متواضعة لابني دون إخباره (على اعتبار أنها لا تعلم أن هذا المال من الزكاة) فهل ينتقص من قيمة الزكاة وثوابها كذلك؟
وهل في حالة حصولهما على حكم بأحقيتهما في المسكن، ومن ثم بيعه، وطلبا رد ما أنفق عليهما باعتبار أنهما يعتبران ذلك حتى الآن ديناً عليهما (حيث إننا لم نخبرهما بنيتنا الحقيقية) فهل يلزمنا قبول رد المبلغ على اعتبار أنهما قد تصبحان عندها غير مستحقتين للزكاة، علماً بأن ما سيحصلان عليه لا يزيد كثيراً عما أنفق عليهما طوال الفترة السابقة، حيث إن المسكن قديم ولا يساوي الكثير؟
والسؤال الآخر الهام جداً: هل يأثم ابني، أو نأثم كلينا بمساعدة أختها في طلب الطلاق من زوجها سيئ الخلق هذا، والذي دائماً ما يتهمه بأنه بمساعدته إياها سبب مباشر في خراب المنزل، رغم أن ابني وأنا معه قد سعينا كثيراً للإصلاح بين الزوجين دون جدوى، لسوء خلقه الشديد، وإساءته معاملة زوجته ( مستغلاً يتمها، وعدم وجود رجال في عائلتها يقفون في مواجهته سوانا، رغم عدم وجود قرابة بيننا) هذا بخلاف ما ذكرته آنفاً عن علاقاته النسائية، وتعاطيه المخدرات، وعدم إنفاقه على زوجته رغم قدرته المادية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فما دامت تلك الفتاة وأختها ليس لهما دخل، والمعاش لا يكفيهما، فهما من جملة المساكين، فلا حرج في أن يُدفع لهما من الزكاة ما يتمم حاجتيهما، ولا حرج على ابنك في دفع زكاته لها؛ لأنها ليست ممن تلزمه نفقتها. ويجب عليه أن يدفعها بنية التقرب إلى الله تعالى بفعل ما أوجبه عليه، لا بنية أن توافق عليه زوجا؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .. ، متفق عليه.

وما أنفقه عليهما سابقا بغير نية الزكاة، لا يجوز له احتسابه من الزكاة بعد ما دفعه بغير نيتها؛ لأن الزكاة لا تصح إلا بنية، وهو لم يدفعها بتلك النية.

وإذا أعطيت الزكاة لتلك الفتاة وأختها، وكانتا مستحقتين لها، فإنهما تملكانها؛ وبالتالي فلا حرج عليهما في أن تشتريا بها ما تريدان، أو تعطيا منها لمن تريدان، ولا ينتقص ذلك من قيمة الزكاة، ولا من ثوابها.
ولا يلزم إخبارها أن ما يُدفع لها زكاة، إلا إذا علمتم أنها لا تأخذها إن علمت بحقيقتها، فإنه يجب إخبارها حينئذ. وانظر الفتوى رقم: 113131 ، وإذا استغنت، لم يجز دفع الزكاة لها بعد استغنائها، ولا استرداد ما دفع لها من الزكاة قبل استغنائها؛ وانظر الفتوى رقم: 27006 عن مصارف الزكاة.

وأما هل تأثمون بمساعدة أختها على طلاقها من زوجها؟ فإن ثبت أن زوجها شارب للخمر، والمخدرات، أو أن له علاقة مع الأجنبيات، أو أنه يمتنع من النفقة عليها بدون مبرر شرعي، أو يسيء إليها، فإنه يباح لها أن تطلب الطلاق منه؛ إذ إن فسق الزوج، وتضرر الزوجة من البقاء معه، يسوغ لها طلب الطلاق، كما بيناه في الفتوى رقم: 157755 ، وإذا أبيح لها ذلك، أبيحت مساعدتها فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني