الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تطويل الرجل شعره وتضفيره وضابط التشبه فيه

السؤال

ما حكم تطويل الرجل لشعره وتضفيره وهل يعتبر من التشبه بالنساء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا بأس بإطالة الرجل شعر رأسه وتضفيره، فعن أنس ـ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعره منكبيه. رواه البخاري ومسلم.

قال الحافظ في فتح الباري: وما دل عليه الحديث من كون شعره صلى الله عليه وسلم كان إلى قرب منكبيه كان غالب أحواله، وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة ويتخذ منه عقائص وضفائر، كما أخرج أبو داود والترمذي بسند حسن من حديث أم هانئ قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر ـ وفي لفظ: أربع ضفائر ـ وفي رواية ابن ماجه: أربع غدائر ـ يعني ضفائر ـ والغدائر جمع غديرة بوزن عظيمة، والضفائر بوزنه، فالغدائر هي الذوائب، والضفائر هي العقائص فحاصل الخبر أن شعره طال حتى صار ذوائب فضفره أربع عقائص، وهذا محمول على الحال التي يبعد عهده بتعهده شعره فيها وهي حالة الشغل بالسفر ونحوه، والله أعلم. اهـ.

وينبغي أن يراعَى في ذلك عادات الناس وأعرافهم، بحيث لا تكون هيئته عندئذ هيئة شهرة، أو مشابهة لحال أهل المجون ونحوهم، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: يسن أن يغسل شعره ويسرحه ويفرقه ويجعله الرجل إلى منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، أو شحمتيهما، ولا بأس أن يجعله ذؤابة، وينبغي أن يقال: إن لم يخرج إلى شهرة، أو نقص مروءة، أو إزراء بصاحبه، ونحو ذلك. اهـ.

وقال ابن عبد البر في التمهيد: صار أهل عصرنا لا يحبس الشعر منهم إلا الجند عندنا لهم الجمم والوفرات، وأضرب عنها أهل الصلاح والستر والعلم، حتى صار ذلك علامة من علاماتهم، وصارت الجمم اليوم عندنا تكاد تكون علامة السفهاء، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تشبه بقوم فهو منهم ـ أو حشر معهم ـ فقيل: من تشبه بهم في أفعالهم وقيل: من تشبه بهم في هيئاتهم، وحسبك بهذا، فهو مجمل في الاقتداء بهدى من الصالحين على أي حال كانوا، والشعر والحلق لا يغنيان يوم القيامة شيئا، وإنما المجازاة على النيات والأعمال، فرب محلوق خير من ذي شعر، ورب ذي شعر رجلا صالحا. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: اتخاذ شعر الرأس مختلف فيه، هل هو من السنن المطلوب فعلها، أو هو من العادات التي يتمشى فيها الإنسان على ما اعتاده الناس في وقته؟ والراجح عندي أن هذا من العادات التي يتمشى فيها الإنسان على ما جرى فيه الناس في وقته، فإذا كان من عادة الناس اتخاذ الشعر وتطويله فإنه يفعل، وإذا كان من عادة الناس حلق الشعر أو تقصيره فإنه يفعل. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 36999، 241294، 17956.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني