الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتها تمنعها من الاتصال بصديقاتها

السؤال

فضيلة الشيخ: عندي سؤال: فقبل مدة حصل خلاف بيني وبين أمي ـ حفظها الله ـ بسبب إحدى صديقاتي، وبسبب هذا الخلاف أقسمت علي ألا أكلم أيًا من صديقاتي بأي وسيلةٍ كانت مع أنه لا علاقة لهن بالموضوع بتاتًا، وقامت بتغيير خط هاتفي المحمول حتى لا يستطعن الوصول إلي، لا أنكر أنني تضايقت من هذا الأمر ولكنني رضخت وأطعت والدتي، لأنني أعلم يقينًا أن رضى الله من رضى الوالدين وأعلم كذلك عظم حق الأم خاصة، ولكن يا شيخ اشتقت لمحادثة صديقتي المقربة واشتقت أن أطمئن على صحتها، ولا أستطيع لأن أمي أقسمت كما أسلفت! فهل إن تواصلت معها دون علم أمي يعتبر هذا عقوقًا؟ حاولت كثيرًا أن أقنعها أن تسمح لي بالتواصل معها ولكنها تستشيط غضبًا بمجرد أن أفتح هذا الموضوع وليس أمامي سوى أن أطيعها، فهي في نهاية الأمر الأهم والأولى، ومنذ مدة حصلت أختي على رقمها وأصبحت تطمئنني عليها كل فترة وصرت أرسل لها عن طريقها أسألها عن حالها فتجيب صديقتي، فترسل لي أختي ردها، ثم خفت أن يكون هذا تحايلًا وتوقفت عن ذلك! وبالأمس حصلتُ على حسابها في تطبيق الانستقرام وتابعتها، وقلت في نفسي إن أمي لا تريدني أن أحادث صديقاتي بالواتس آب والاتصال المباشر وتطبيق الانستقرام أصلًا لا يحتاج إلى رقم الهاتف الخلوي وما شابه ولا أدري! لا زال في قلبي شيءٌ من الخوف والرهبة أن أكون قد عصيت الله تعالى ويكون فعلي هذا فيه مخالفة لكلام أمي، ويعلم الله أنني لا أريد سوى أن يرضى الله عني ولا أريد أن أعصي أمر والدتي، وكل ما في الأمر أنني أصبحت أشعر بالوحدة بعد فراق صديقتي المقربة وأشتاق للاطمئنان على صحتها وأخبارها، أريد نصيحة وتوجيهًا من سماحتكم.
أرجو أن تساعدني يا شيخ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا لا ندري ما الدافع الذي جعل أمك تحول بينك وبين التواصل مع صديقتك، فإن كان لذلك وجه صحيح ومعتبر كأن تكون هذه الفتاة سيئة وتخشى عليك منها فسادا، فقد أصابت في منعك، فإن الصديق يؤثر على صديقه سلبا وإيجابا، ومن هنا حث الشارع على صحبة الأخيار وأمر بتجنب صحبة الأشرار، وسبق بيان النصوص في ذلك في الفتوى رقم: 24857.

وطاعتك أمك في هذه الحالة واجبة، ومخالفتك إياها معصية وعقوق تجب التوبة منه.

وإن كانت هذه الفتاة مستقيمة فما كان ينبغي لأمك منعك من التواصل معها، والأولى أن تحاولي إقناعها بالسماح لك بالتواصل معها وأكثري من دعاء الله أن يوفقك في إقناعها، واستعيني عليها بمن تسمع لقولهم لمكانتهم عندها، فإن وافقت فالحمد لله، وإلا فتواصلي مع صديقتك ولا تغضبي أمك، نعني أن تتصلي بها دون علمها فتتحقق بذلك المصلحتان، وطاعة الوالدين لا تجب بإطلاق، وإنما تجب فيما فيه مصلحة لهما ولا مشقة فيه على ولدهما كما ذكر أهل العلم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 76303.

والظاهر أن أمك تمنعك من التواصل معها بأي وسيلة من الوسائل، فعلى تقدير الحالة الأولى التي تجب عليك طاعتك فيها لا يجوز لك الاتصال على هذه الفتاة بالواتساب أو تطبيق الانستقرام أو غيرهما من وسائل الاتصال، وإن كنت متأولة فيما سبق فنرجو أن لا حرج عليك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني