الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعانة على القمار محرمة بأي وجه من الوجوه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهفضيلة الشيخ أفتونا في هذه المسألة جزاكم الله خيراًنحن موظفون في شركة تعمل في أجهزة الكهرباء الخاصة بعدم انقطاع التيار الكهربائي عن الكومبيوتر والإنارة ونقوم بعمل صيانة لهذه الأجهزة بناء على عقد مبرم بين شركتنا والعملاء وأحد هذه الأجهزة في أحد الفنادق عندنا في مصر ولكنه يغذي الإنارة الخاصة بصالة القمار ونحن كموظفين نرفض صيانة هذه الأجهزة واصلاحها باعتبارها تعاوناً على الإثم ولكن الشركة تطالبنا بعمل الصيانة والإصلاح قمنا بإخبار المدير فقال أئتوني بفتوى من العلماء.أرجو من فضيلتكم سرعة الرد علينا حيث أن هذا الموضوع تسبب في مشكلة كبيرة جدا جدا جدا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالميسر القمار من كبائر الذنوب، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:91].
ولشدة قبحه، قرنه الله تعالى بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام، وهو صد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويدفع بالمتلاعبين إلى أسوأ الأخلاق، وأقبح العادات، ويورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين بأكل الأموال بينهم بالباطل، وحصولهم على المال بغير الحق، ويدفع صاحبه إلى الإجرام لأن الفريق المفلس يريد أن يحصل على المال من أي طريق كان، ولو عن طريق السرقة والاغتصاب، أو الرشوة والاختلاس، إلى آخر ما فيه من المفاسد والشرور، وما قد يتخيله البعض من منافع، فإنه مغمور في محور المضار والمفاسد، قال تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219].
وتأمل هذه الآية حيث ذكر المنافع بصيغة الجمع، وذكر الإثم بصيغة المفرد، فلم يقل: فيهما آثام كبيرة ومنافع للناس. بل قال: إثمٌ كبير إشارة إلى أن المنافع مهما كثرت ومهما تعددت فإنها مغمورة بجانب هذا الإثم الكبير، ولهذا تحرم الإعانة عليه - أي القمار - بأي وجه من الوجوه، وقاعدة الشريعة أن المعين على ارتكاب المحرم شريك في الإثم، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2].
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله عز وجل لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها. رواه أحمد برقم:2899 وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
فلم يقتصر اللعن على شاربها، إنما تعداه إلى كل من أعان على شربها، وعلى هذا فلا يجوز صيانة الأجهزة الخاصة بتغذية هذه الصالة لما فيها من الإعانة على القمار، والامتناع عن هذا العمل المحرم من أسباب توسعة الرزق والبركة فيه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني