الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من اشترى أرضا كانت موقوفة على مسجد ممن اغتصبها

السؤال

قبل ستين سنة كان يوجد مسجد في بلدنا، واستولت عليه حكومة شيوعية، وجعلته مكانا لجمع الضرائب من الناس. وقبل سنوات عدة هدمته، وباعت الأرض لرجل يشتغل ببناء العمارة، ويبيعها للناس بستمائة ألف دولار، والرجل الآن يستفتي مني هل عليه إثم؟ وهل يبني على الأرض أم لا يبني، ويترك الأرض؟
لم أستطع أن أجيب مسألته.
أريد منكم جوابا شافيا: ماذا يفعل؟ والستمائة ألف دولار أخذتها الحكومة، وهو في البداية يعرف أن الأرض موقوفة للمسجد، وقد هدمته حكومة شيوعية، واستولت عليه. والحكومة أرادت أن تبيع فلم يشتر أحد منها خوفا من الأرض الموقوفة، ولكن هذا الرجل اشتراها بسعر رخيص، وكانت قيمته تزيد عن ستمائة ألف دولار.
جزا كم الله خيرا.
أريد منكم جوابا سريعا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا الرجل الذي اشترى الأرض الموقوفة من الدولة الظالمة، الغاصبة لها، أساء إساءة عظيمة، وأسرف على نفسه بشرائه لها وهو يعلم حالها، وامتناع الناس من شرائها بسبب اعتداء الدولة عليها؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غصب شبرا من الأرض ظلما، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين.

والآخذ من الغاصب، أو السارق، أو المعتدي مثلهم ما دام يعلم أنهم قد اعتدوا على حق غيرهم.

قال عليش في فتاويه: مسألة في معاملة أصحاب الحرام, وينقسم مالهم قسمين:

أحدهما: أن يكون الحرام قائما بعينه عند الغاصب، أو السارق أو شبه ذلك، فلا يحل شراؤه منه, ولا البيع به إن كان عينا, ولا أكله إن كان طعاما, ولا لباسه إن كان ثوبا, ولا قبول شيء من ذلك هبة, ولا أخذه في دين, ومن فعل شيئا من ذلك فهو كالغاصب بكون الحرام قد فات في يده, ولزم ذمته. اهـ.

وعليه، فالواجب نصح الرجل، وتذكيره بوجوب التوبة إلى الله تعالى، ورد هذه الأرض لمن يقوم عليها من المسؤولين عن الوقف بحيث تعود وقفا كما كانت. وإذا استطاع استخلاص ماله من الجهة التي أخذته، فبها ونعمت، وإلا فليصدق في توبته، ولعل الله يعوضه خيرا مما فاته؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني