الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب إنفاق الزوج على زوجته وأولاده حسب العرف والعادة

السؤال

أنا أشتغل والحمد لله، وأصرف من مرتبي على نفسي، ويبقى منه فائض ولله الحمد والمنة. وزوجي ميسور الحال والحمد لله. لديه مشاريع متوسطة مع إخوته، لكنهم لا يقسمون الأرباح بحجة أنهم يريدون تكبير هذه المشاريع. لا أرباح سنوية. كل واحد منهم يأخذ ما يحتاج بدون أن يكون هناك مرتب شهري ثابت لكل واحد منهم ( فعلى سبيل المثال منهم المقتصد وهو زوجي، وهناك المبذر أحد إخوته). زوجي يجبرني أن أشترك معه في المصاريف. مثلا مدارس الأولاد يجب أن ندفع الرسوم بالنصف، لو كنت أرغب في أن يدرسوا، وإذا اعترضت فيقول لي هناك التعليم العام وهو مجاني. أثاث المنزل في السابق كنت أنا من يشتري كل شيء من أثاث للمنزل. الآن عندما نريد أن نشتري شيئا جديدا يقول أنا لا يلزمني الجديد، إذا أردت الجديد يمكنك شراؤه بنفسك. يسألني أحيانا حتى لدفع المال لشراء ملابس الأطفال؛ على سبيل المثال: عيد الفطر في السنة الماضية أعطاني مبلغا بسيطا لشراء ملابس العيد للأطفال، والمبلغ يكفي طفلا واحدا منهم، فما كان مني إلا أن دفعت قرابة الضعفين لشراء الملابس. فيما سبق كنت أصرف وأشتري كل ما أرغب لنفسي وأطفالي وبيتي، وحتى أشتري الهدايا لزوجي بين الحين والحين. في حين هو لا يشتري لي ملابس ولا هدايا يقول لي: أنا تركت لك حرية التصرف في مرتبك، ولا آخذ منك شيئا. وكلمة حق تقال في السنوات الأولى من زواجنا، وعندما كان إخوتي يدرسون، فكانوا يحتاجون بعض المال، فكنت أساله أن أساعدهم فيقول لي لا بأس في ذلك، والمساعدة تكون من مالي الخاص. منذ سنوات مرض أبي، واحتاج مالا فقال لي ساعديه، ولا تتركيه يحتاج لأي أحد. أنا أوضح له فيما أصرف مالي.
في الحج والعمرة ندفع مناصفة، وأحيانا يفوق ما أدفع ما يدفعه هو. الآن نحن نريد أن نعتمر في شهر رمضان. سألني أن أدفع عن نفسي فقلت له أنا دائما أدفع عن نفسي والحمد لله. بعدها سألني أن أدفع عن الأطفال فقبلت أن ندفع مشاركة بيننا، فوجئت به يسألني أن أدفع عن كل الأطفال، وعن نفسي إن أردت الذهاب للعمرة. المبلغ بالكامل 14500، يريدني أن أدفع 10000، وأنا كل ما أملك 14000، وهو رأس ماله مع إخوته يفوق 500.000، سألته هل لا تملك المال؟ قال بلى أملك، ولكن إن أردت الذهاب فعليك الدفع؟ مع العلم أن إخوته - شركاءه - اعتمروا في السنة الماضية مع نسائهم وأطفالهم وهم من تكفل بكل المصاريف، مع العلم بأن زوجاتهم يشتغلن، وهم يتكفلون بكل مصاريف زوجاتهم من ملبس وعلاج وغيره. زوجاتهم لايصرفن مرتباتهن إلا ما ندر. فقط يزكين عن مرتباتهن نهاية كل سنة.
هل يجوز هذا؟ أنا قلت له: كل واحد يتكفل بنفسه ومصاريف الأطفال ندفعها مناصفة. هل إذا رفضت الدفع بالكامل سوف يكون عليَّ إثم؟ مع أنني متكفلة بكل مصاريفي من ملبس وحتى العلاج. حالتي الصحية تحتاج العلاج الباهظ بين الفترة والأخرى.
أحاول دائما أن أحتفظ بمبلغ من المال لمثل هذه الطوارئ؛ لأنه لا بد أن أتكفل أنا بمصاريفي .
أفتوني جزاكم الله خيرا. من فضلكم أن تجيبوا عن كل استفساراتي. جزاكم الله ألف خير، ووفقكم لما يحب ويرضى. آمين. آمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تكسب الزوجة من مال فهو حق خالص لها، لا يجوز لزوجها التحكم فيه، أو إلزامها بدفع ما لا يجب عليها دفعه. وراجعي الفتوى رقم: 9116.

وههنا أمر جدير بالتنبيه عليه وهو أنه إذا لم تشترط الزوجة على زوجها عند عقد النكاح أن تعمل، كان لزوجها الحق في منعها من الخروج للعمل، ويجب عليها طاعته في ذلك. ويجوز له السماح لها بالعمل مقابل مال تدفعه له أو تساهم به في نفقة البيت ونحو ذلك. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 19680.

ونفقة الزوجة واجبة على الزوج بالمعروف، في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، حسب قدرته، كما قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7}، هذا مع مراعاة حال الزوجة أيضا. فالزوجة ليست ملزمة بأن تنفق على نفسها - ولو كانت غنية - وكذلك الحال بالنسبة للأولاد، فإن نفقتهم واجبة على أبيهم بقدر الكفاية، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يدخل في نفقتهم الواجبة مصروف التعليم، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 114979.

ومن خلال ما ذكرنا يتبين أنه يجب على زوجك القيام بالنفقة عليك وعلى أولادك حسب العرف والعادة، سواء في الملبس وغيره، من غير إفراط أو تفريط. ولا يحق له أن يلزمك بالنفقة على نفسك أو على الأولاد.

والأفضل في هذا كله أن يكون بينكما التفاهم والتعاون، ومهما أمكنك المساهمة معه بطيب نفس منك فافعلي اتقاء لمحاذير يمكن أن تحصل، كأن يمنعك من العمل أصلا، أو يدخل الشيطان فيحصل بينكما الشقاق، ويحصل بعده الفراق، ويكون الندم حيث لا ينفع الندم.

وننبه في الختام إلى جملة أمور:

الأمر الأول: أن التهادي بين الزوجين من أسباب جلب المودة بينهما، ودوام الحياة الزوجية . في مسند أحمد وسنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر.

وينبغي للزوج أن يهدي لزوجته ولو لم تهد إليه، فكيف إذا أهدت إليه، فيتأكد هنا الإهداء لها مكافأة على ما أسدت من معروف، ففي مسند أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من أهدى لكم فكافئوه....الحديث.

الأمر الثاني: أنه لا يجب على الزوج نفقة العمرة لزوجته وأولاده، وهي لا تلزم الزوجة أيضا. وإذا رغبت الأسرة في أداء العمرة فليكن التعاون في مثل هذا. وما ذكرت من أن يدفع زوجك نفقته وتدفعين نفقتك وتتناصفان نفقة الأولاد اقتراح جيد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني