الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع الحر باطل بإجماع العلماء

السؤال

شيخنا الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهلقد كنت في إحدى الدول العربية ووجدت أناسا يقال لهم ( النُور) يجعلون بناتهم يعملن في المراقص وذلك بحجة ضيق ذات اليد ولقد اصطدمت بحالة خاصة منهم وهي فتاة تبلغ من العمر 17 سنة فوجدت أنها لا ترغب في مثل هذه الأعمال ولكنها مرغمة على ذلك فعرضت على وليها أن أخصص لها مصروفا شهريا على أن لا تعود لمثل هذه المحلات فوافق الأب على ذلك ثم توالت عليه الضغوط من قبل أصحاب تلك المراقص وذلك بعرضهم عليه المال مقابل شرائها منه لكي تعمل في المرقص لديهم حيث إنها صاحبة صوت جميل ولقد علمت انهم يبيعون الفتيات ويرهنونهن وشيئاً من تلك الأمور)

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا يجوز لك شراؤها، لأنها حرة، وعقد بيعها باطل، بالإجماع، وممن نقل الإجماع على ذلك الحافظ في الفتح المجلد الرابع، كتاب البيوع، باب إثم من باع حراً: لما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: فذكر منهم "ورجل باع حراً فأكل ثمنه...". قال ابن الجوزي: الحر عبد الله، فمن جنى عليه فخصمه سيده.
أما زواجك منها لتمنعها من الوقوع في الحرام، فهذا من أعظم القربات إلى الله، ولكن بشرط أن تكون عفيفة، لقول الله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3].
ولا بد من موافقة أبيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن.
فإن منعها من الزواج طمعاً فيما تدره عليه من المال سقطت ولايته، وانتقلت إلى من بعده من الأولياء على حسب درجة قرابتهم، فإن منعوها جميعاً، انتقلت الولاية إلى السلطان أو نائبه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث المتقدم: فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له.
ثم إن غشيان المراقص ونحوها مما تنتهك فيه الحرمات ويجاهر فيه بمعصية الله -إلا للإنكار على من فيها ودعوتهم إلى الله- من كبائر المحرمات، التي تغضب الله ولو اقتصر الداخل إليها على مجرد الرؤية دون مباشرة المعصية، فكيف إذا باشر، قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً [النساء:140].
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر.
ورفع إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز جماعة شربوا الخمر، بينهم صائم، فأمر أن يضرب الحد مثلهم وتلا هذه الآية : إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء:140].
ولذا ننصحك أخانا بعدم غشيان تلك المراقص والتوبة إلى الله من ذلك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني