الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة المجنون ومن في حكمه

السؤال

السلام عليكم،،،فضيلة الشيخ أنا أعاني من انفصام عقلي "مرض نفسي" فهل علي صلاة؟شكرا جزيلا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فهذا المرض إن كان لا يذهب بالعقل ولا يجعل صاحبه مجنوناً أو ملحقاً به كالمعتوه، فالصلاة واجبة عليه لا تسقط بحال، وإن كان يذهب بالعقل، فإن صاحبه لا يكلف بالصلاة حال جنونه، ولا يجب عليه قضاء ما فاته أثناء جنونه سواء كثر زمن الجنون أم قل، هذا مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية.
وذهب الأحناف إلى أنه لو جن خمس صلوات قضاها، وإن جُن أكثر من ذلك فلا قضاء عليه نفياً للحرج، فإذا أفاق المجنون وقت الصلاة فلا يُصبح مدركاً للفرض إلا إذا بقي من الوقت مقدار ما يمكن فيه أداء الفرض، وهذا قول زُفر من الحنفية، وقال أكثر الحنفية وهو المختار عندهم: أنه يصير مدركاً إذا أدرك من الوقت ما يسع تكبيرة الإحرام، وهو قول الحنابلة وبعض الشافعية.
وقالت المالكية: يجب الفرض ويصير مدركاً، إذا بقي من الوقت مقدار ركعة مع زمن يسع الطهر، وهو قول بعض الشافعية أيضاً، عملاً بمفهوم الحديث : "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح." ولعل هذا هو الراجح والأقوى من حيث الدليل، ونفياً للحرج والمشقة.
أما إذا أدرك جزءاً من وقت الصلاة كأن لم يصل العصر حتى بقي على غروب الشمس مقدار تكبيرة الإحرام، أو مقدار ركعة أو أكثر ثم جن، فقالت الحنابلة تلزمه صلاة العصر، بإدراك قدر تكبيرة من الوقت، ويقضيها إذا أفاق.
وقال الشافعي وإسحاق لا يجب القضاء إلا بمضي زمن يمكن فعلها فيه، والقول الأخير هو الراجح، لأنه لا يُدرك من الوقت ما يمكنه أن يصلي فيه، فلم يجب القضاء كما لو طرأ العذر قبل ذلك الوقت.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني