الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلاق الموسوس بين الوقوع وعدمه

السؤال

ما هي معايير أخذ الموسوس بالقول الأيسر من الفتاوى؟ فلو طلق الموسوس بسبب ظنه أنه طلق بسبب الوسواس، ولا يعرف أن الوسواس مانع من الطلاق، فهل يكون هنا الطلاق بسبب الجهل أم بسبب الوسواس؟ وهل له الأخذ بأيسر الأقوال حتى يشعر أن زوجته حلال؟ تعبت كثيرا، فمنذ 5 سنوات وأنا على هذا الحال، وأنجبت طفلة، وأصبحت أشك هل هي بنت حلال أم حرام؟ وقد سألت شيخا مشافهة فأفتاني بعدم وقوع الطلاق، ولا يوجد أمامي غير أن أطلقها أو آخذ بالرأي الأيسر أو الجنون، فماذا أفعل؟ وهل آخذ بالرخصة للموسوس في شيء معين؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فواضح أنك مصاب بقدر كبير من الوسوسة، لذا ننصحك أولا بما ننصح به المصابين بهذا الداء من الإعراض التام عن الوسوسة وعدم الالتفات إليها، وانظر الفتوى رقم: 51601.

واعلم أن الموسوس مأمور بطرح الوسوسة في كل شيء بما في ذلك الطلاق، وقد قرر العلماء أن طلاقه لا يقع ما لم يرده ويقصده قصدا حقيقيا في حال طمأنينة واستقرار بال، جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: فطلاق الموسوس لا يعتد به، وذلك لأنه إما أن يكون غير واقع، كما لو كان يظن أنه طلق، وإما أن يكون واقعاً بالإغلاق والإكراه كأن شيئاً يغصبه أن يقول فيقول. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 163351.

وعليه، فإن ما أفتاك به المفتي الذي شافهت من عدم وقوع طلاقك الناتج عن الوسوسة صحيح كما رأيت، أما ما ترمي إليه في السؤال من محاولة الجمع بين وقوع الطلاق منك، ثم الأخذ بأيسر الأقوال في ذلك، فغير سليم هنا، لأن الحاصل أحد أمرين لا ثالث لهما:

الأول: أن الطلاق وقع منك تحت تأثير الوسوسة ـ وهو الذي يظهر ـ وهنا ليس عليك طلاق أصلا.

والثاني: أن الطلاق وقع منك بقصد وإرادة، وهنا حكمك كحكم أي شخص عادي طلق زوجته ثلاثا دفعة واحدة، والمفتى به عندنا أن ذلك الطلاق على تلك الكيفية يعتبر بينونة كبرى، كما هو مذهب جمهور أهل العلم ـ ومنهم الأئمة الأربعة ـ ولم يخالف في ذلك إلا قلة من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث اعتبروا أن ذلك يحسب طلقة واحدة، وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 5584، 36215، 49805.

أما بالنسبة للبنت: فهي لاحقة بك على كل حال، لأن من المقرر عند عامة الفقهاء أن كل نكاح يدرأ فيه الحد فالولد لاحق بالواطئ، وانظر الفتوى رقم: 79750.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني