الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من شروط التوبة رد الحقوق إلى أهلها

السؤال

منذ سنوات سرقت هاتفين من أمي، وما أرجعتهما إلى الآن، ولا أريد إرجاعهما خوفا من غضبها، أو جلب الهم لها, فهل يحل لي التخلص منهما، وإرجاع قيمة الهاتفين لأمي؟ وبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتجاوز عنكِ، واعلمي أن من شروط التوبة مما فيه مظلمة للعباد - كالسرقة، ونحوها -: رد تلك المظالم إلى أصحابها، أو طلب العفو والمسامحة منهم. كما في الفتوى رقم: 40782.

والمسروق إذا كانت عينه باقية فيجب رده، ولا يجزئ رد قيمته؛ جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا كان ما يستحق استرداده قائما بعينه فإنه يرد بعينه، فالمغصوب، والمسروق، والأصل في ذلك: قول الله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: على اليد ما أخذت حتى ترد. اهـ. باختصار.

وفيها: السارق يجب عليه رد العين المسروقة إن كانت قائمة اتفاقا. فإن هلكت أو استهلكت، وجب عليه رد مثلها إن كانت مثلية، وإلا فقيمتها. اهـ.

فيجب عليك رد الجهازين إلى والدتك، ولا تبرأ الذمة برد القيمة، إلا إذا رضيت والدتك بذلك. وإذا نقص شيء من الجهازين فإنك تردين معهما قيمة النقص كذلك، جاء في المنثور في القواعد الفقهية: قال الصيرفي: وأما رد المضمون فأقسام:

الأول: ما عينه موجودة، فيكلف رده إلا أن يختار المالك خلافه.

الثاني: أن تنقص العين، فيردها وقيمة نقصها، إن لم يوجد مثل النقص كحنطة نقص منها جزء.

الثالث: أن تفوت العين, فيلزمه مثلها كالحنطة (والزيت)؛ لأن المثل موجود في نفسه، ويسقط الاجتهاد في القيمة، وما ليس له مثل أو لا يمكن فعل المثل كشق ثوب رجل, فلا يشق ثوب الآخر؛ لأن ذلك فساد عليهما في الأموال، وكل ما كان مثله من جنسه يتفاضل ولا يتحصل (فالرجوع) إلى القيمة كالإحراق بالنار، والرمي بالشيء في البحر. اهـ.

لكن لا يشترط في رد الأموال المسروقة لأصحابها إعلامهم بذلك، بل يكفي إيصالها إليهم بأي طريق، فيكفي أن توصلي الجهازين إلى والدتك دون أن تعلم أنك من سرقتها، وكذلك تبرأ ذمتك إن طلبت منها العفو عن السرقة فسامحتك، حتى إن لم تخبريها بأنك أنت السارقة، كأن ترسلي لها رسالة بأن شخصا سرق منها هاتفين، ويطلب منها أن تسامحه، فإذا سامحت بعدُ فقد برئت ذمتك بذلك -إن شاء الله-، ولا يلزمك أن تردي لها شيئا. وراجع الفتوى رقم: 270721.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني