الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أحكام وشروط المضاربة

السؤال

يوجد لديّ مؤسسة مقاولات، وقمت بدفع جميع رسوم الدولة من حسابي الخاص، واستقدمت 4 تأشيرات، وجلبت العمال، وتم الاتفاق بيني وبين أحد العمال (معلم كهرباء مباني) بأن يكون شريكي، وأعطيته سيارة خاصة بالعمل، وتكون مصروفات وصيانة السيارة عليه، حيث إنه يأخذ نسبة 50% أي: النصف، وبدون راتب، وبقية العمال الثلاثة بالراتب، وتم الاتفاق بيني وبين شريكي على أن تكون رواتب العمال، والإقامات، والسكن، بالنصف بيني وبينه، وتمر بعض الأشهر فنخسر ونربح، وهكذا، فهل في ذلك شيء؟ وإذا كان هناك شيء، فما هي الطريقة الصحيحة على أن يكون معلم الكهرباء بالنسبة، والعمال بالراتب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر لك تواصلك معنا، وحرصك على تعلم أمر دينك، وقد أجبناك سابقًا بأن اشتراطك على معلم الكهرباء الانفراد بتحمل نفقات السيارة، لا يجوز، وإنما الصواب: أن تكون مصروفات السيارة مناصفة بينكما، كسائر مصروفات الشركة؛ فقد جاء في المبسوط: "وإن اشترطا أن يكون الحريم, والبئر، بينهما نصفين على أن ينفق أحدهما أكثر مما ينفق الآخر، لم يجز; لأن النفقة عليهما بقدر الملك، فشرط المناصفة في الملك يوجب أن تكون النفقة بينهما نصفين شرعًا، فيكون اشتراط زيادة النفقة على أحدهما مخالفًا لحكم الشرع." اهـ.
وفي المدونة أن: "النفقة على الشركاء على قدر حصصهم، والغلة لهم كذلك."

ولزيادة الإيضاح نقول: إن بعض العلماء قد نص على أن من أنواع الشركة الجائزة: اشتراك اثنين بماليهما وبدن أحدهما، ويكون الربح بينهما على حسب الاتفاق، والخسارة على صاحب المال في ماله، وعلى صاحب البدن في ضياع تعبه وجهده، قال الخرقي ذاكرًا أنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى.

وهذه الشركة لا تصح مضاربة عند مالك، والشافعي، وتصح عند أحمد، وهذا الذي نختاره؛ إذ الأصل في المعاملات الحل. جاء في المغني: (... إن العمل أحد ركني المضاربة، فجاز أن ينفرد به أحدهما مع وجود الأمرين من الآخر كالمال.) انتهى.
لكن لا بد أن يكون رأس المال معلومًا، فلا يصح أن يكون مطلق نفقات السيارات ونحوها مما ليس منضبطا محددا، وإنما تقوّم العروض من سيارة وغيرها عند العقد ليكون رأس المال قيمتها، لا هي.

وعليه؛ فإما أن تتفقا على أن يشاركك العامل بماله وبدنه على أنه يكون له نسبة من الربح تتفقان عليها، ومشاركته في رأس المال لا بد أن تكون معلومة محددة، لأنه لا بد من الرجوع في المفاصلة، ولا يمكن الرجوع مع الجهل والجزاف. وهنالك صورة ثانية يمكن الاتفاق عليها، وهي: أن يكون رأس المال منك، والعمل منه دون المشاركة بشيء من ماله، وتكون النفقات التي يحتاجها العمل من رواتب، أو مصاريف السيارة، أو سكن العمال، كل ذلك يحسب من مال المضاربة فيخصم من الربح قبل قسمته إن وجد ربح، وإلا فيخصم من رأس المال وفق ما بيناه في الفتوى رقم: 104420.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني