الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القسم لإحدى الزوجتين بالليل والأخرى بالنهار

السؤال

فضيلة الشيخ, مرت بي ظروف صعبة حيث كنت خلال العام الماضي مطارد من بعض الأشخاص لاعتقالي، فكنت لا أستطيع أن أبيت في منزلي لفترة ليست بالوجيزة، مما دفعني لإيجار شقة، وقمت بالزواج من زوجة ثانية، وكنت أذهب بالنهار لزوجتي الأولى، وأبيت الليل عند زوجتي الثانية، وذلك دون علم زوجتي الأولى، وبعد مرور شهرين على زواجي الثاني تم اعتقالي، وعلمت زوجتي الأولى بزواجي الثاني، وتطالبني في حال خروجي من المعتقل بالمبيت عندها مدة مثل التي قضيتها عند زوجتي الثانية (شهرين) فهل لها حق في ذلك؟ علما أنها خلال فترة الشهرين كانت مريضة جدا، وتتحرك بصعوبة، فلا أستطيع أن أمارس حقي الشرعي معها، وقد كنت أتحرى أن أجلس معها نفس عدد الساعات التي أقضيها مع زوجتي الثانية.
أفتونا مأجورين -بارك الله فيكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في القسم، فيبيت مع كل منهن قدر ما يبيت مع الأخرى، ولا يصحّ أن يقسم لواحدة بالليل والأخرى بالنهار، فالمعتبر في القسم هو الليل، قال ابن قدامة -رحمه الله-: "وعماد القسم الليل"
وقال: "...وإن تعذر عليه المقام عندها ليلا؛ لشغل، أو حبس، أو ترك ذلك لغير عذر، قضاه لها" المغني لابن قدامة (7/ 317)
وكون المرأة مريضة لا يُسقط حقها في القسم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 152615.
واعلم أنّ من تزوج بكرًا فإنّ له أن يبيت عندها سبعًا، ثم يدور على نسائه، ولا يقضي لهن السبع، ومن تزوج ثيبًا أقام عندها ثلاثًا، ثم دار على نسائه، ولم يقض لهنّ الثلاث، فإن أقام عند الثيب سبعًا أو أكثر، فإنّه يقضي جميع ما أقامه للأخريات، قال ابن قدامة -رحمه الله-: "وإن كانت ثيبا أقام عندها ثلاثا، ولا يقضيها، إلا أن تشاء هي أن يقيم عندها سبعًا، فإنه يقيمها عندها، ويقضي الجميع للباقيات" المغني لابن قدامة (7/ 316)
وإن تزوج بكرًا فأقام عندها فوق السبع، فقد نصّ بعض أهل العلم على أنّه يقضي للأخريات ما زاد عن السبع فقط، قال الجويني الشافعي -رحمه الله-: "ولو أقام عند البكر أكثرَ من سبع، لم يقض لضراتها إلاَّ مقدار الزيادة، ولسنا نفي بمعانٍ جامعة فارقة، وإنما ندور على مقتضى الخبر، فإذا لم نجد متعلقاً فيه، رجعنا إلى التمسك بالقياس. ومن القياس الجلي ألاَّ يبطل حقُ صاحبِ الحقِ إذا أخذَ أكثرَ من حقه، فأجرينا الزيادةَ على حقِّ البكرِ على هذا القياس، وتركنا ما ذكرناه في حق الثيب من بطلان حقها -إذا طلبت الزيادةَ وأُجيبت- على موجب الخبر." نهاية المطلب في دراية المذهب (13/ 260)
وعليه؛ فإن كنت تزوجت ثيبًا فإنك تقضي جميع المدة للزوجة الأولى، وإن كنت تزوجت بكرًا فإنّ عليك أن تقضي لزوجتك الأولى ما زاد على سبعة أيام من مبيتك عند الزوجة الثانية، إلا أن ترضى الأولى بإسقاط حقّها أو بعضه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني