الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن ناداه أبوه وهو يصلي

السؤال

إذا كنت أصلي صلاة نافلة مثل نافلة المغرب، أو العشاء الخ.... ونادى علي أحد والدي. فهل أقطع الصلاة؟
وسؤالي الثاني: إذا وجب قطع الصلاة. فهل أكمل الصلاة بعدها من حيث قطعتها، أم أعيدها من البداية؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما عن سؤالك الأول: فقد اختلف فيه أهل العلم، فذهب البعض منهم إلى أن الأولى لهذا الشخص أن يسبح لمن ناداه من أبويه، ثم يخفف الصلاة؛ حتى يجمع بين إكمال النافلة، وبين إجابتهما ما لم يكن في ذلك أذى لهما، وإلا قطع الصلاة مباشرة.

ومنهم من ذهب إلى قطع النافلة، ومنهم من ذهب إلى إتمامها.

جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: قال في النوادر: ومن أتاه أبوه ليكلمه وهو في نافلة، فليخفف ويسلم، ويكلمه. وروي نحوه للنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك إن نادته أمه فليبتدرها بالتسبيح، ويخفف ويسلم. انتهى.

وظاهره أنه لا يجوز له القطع وهو الظاهر; لأنه وإن كانت إجابة أبيه وأمه واجبة، فإتمام النافلة أيضا واجب. ويمكن الجمع بينهما بالمبادرة بالتسبيح، ورفع الصوت به، وتخفيف ما هو فيه، إلا أن لا يمكن ذلك البتة، فيتعارض حينئذ واجبان، يقدم أوكدهما، ولا شك أن إجابة الوالدين أوكد لوجوبه بالإجماع، وللخلاف في وجوب إتمام النافلة.

وقال القرطبي في شرح حديث جريج: قوله: يا رب أمي، وصلاتي, يدل على أنه كان عابدا ولم يكن عالما؛ إذ بأدنى فكرة يدرك أن صلاته كانت ندبا، وإجابة أمه كانت واجبة، فلا تعارض يوجب إشكالا، فكان يجب عليه تخفيف صلاته، أو قطعها، وإجابة أمه لا سيما وقد تكرر مجيئها. انتهى. والظاهر أن قوله: أو قطعها, ليست أو فيه للتخيير، بل للتنويع كما تقدم. اهـ.

وسبق ذكر أقوال بعض أهل العلم في حكم إجابة أحد الوالدين إذا نادى ابنه وهو يصلي النافلة، وذلك في الفتوى رقم: 23879.
وإذا قطع الصلاة لإجابتهما، وأراد أن يصلي بعد ذلك، فليس له أن يبني على ما فات؛ لأن الصلاة الأولى بطلت بقطعها، فيستأنف الصلاة من جديد. وانظر الفتوى رقم: 50969، ورقم: 178869

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني