الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأرباح المكتسبة من إصلاح سيارات المتعاقدين مع شركات التأمين التجاري

السؤال

أعمل في شركة سيارات, ومن المعلوم أن شركات التأمين على السيارات حرام شرعا, يأتي ألينا العميل الذي هو متعاقد مع مثل هذه الشركات في حادث أو غير ذلك, ثم يقوم بإصلاح سيارته تحت إشراف من شركة التأمين, ثم يقوم العميل بدفع فاتورة الإصلاح - هو أي العميل على نفقته الخاصة - ثم يقوم باسترداد قيمة هذه الفاتورة من الشركة التابع لها, دون تدخل منا كهيئة إصلاح في مثل هذا التعاقد.
الحوافز الشهرية لي متوقفة على أرباح جميع الأقسام، ومنها هذا القسم الذي يتعامل مع شركات التأمين كما ذكرت آنفا, كما أن القسم يعمل مع العملاء المتعاقدين مع شركات تأمين وغيرهم من العملاء غير المتعاقدين, أنا لا أعمل في هذا القسم. فهل علي أو على الذين يعملون في هذا القسم أية مساءلة أمام الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق الكلام على حكم التأمين على السيارات في الفتوى رقم: 25925، كما بينا في الفتوى رقم 7899 أنه في حالة التأمين المحرم الإجباري، فإنه يجوز للشخص المؤمَّن (بفتح الميم) المجبر على التأمين المحرم أن ينتفع بما يعادل رأس ماله الذي دفعه إلى هذه الشركة دون ما زاد على ذلك.
وعلى أي حال، فإنه لا حرج عليكم فيما تربحه شركتكم من إصلاح السيارات لهؤلاء المتعاقدين مع شركات التأمين ، سواء كان التأمين مباحا أو محرما ، وسواء في ذلك العاملون في القسم الذي يباشر التعامل مع هؤلاء والعاملون في الأقسام الأخرى ، فالعملاء إنما يدفعون إليكم تكاليف الإصلاح من أموالهم لا من مال التأمين ، ولا علاقة لكم بما يستردونه من شركة التأمين بعد ذلك ، بل وعلى تقدير أنهم يدفعون إليكم تكاليف الإصلاح من مال التأمين المحرم ، فالراجح أنه لا حرج عليكم في ذلك أيضا ، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المال الحرام بسبب طريقة كسبه لا لذاته يكون محرما على مكتسبه فقط، وأما من اكتسبه منه بطريق مباحة فلا يحرم عليه.

قال ابن عثيمين: قال بعض العلماء: ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا، ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: هو لها صدقة، ولنا منها هدية. اهـ. من القول المفيد.

وقال: وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب. اهـ. من تفسير سورة البقرة.

وانظر الفتوى رقم: 131596 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني