الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبيل العمل بآية (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)

السؤال

كيف نحقق قول الله عز وجل في سورة الأنعام: قل إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي، لله رب العالمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اشتملت الآية الكريمة على أعلى مراتب العبادة.

ولتحقيق ما جاء فيها: على الإنسان أن يتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فيحافظ على جميع الفرائض، ويعمل ما يستطيع من النوافل، ثم لا يقتصر على ذلك، بل تكون كل عاداته عبادات لله عز وجل.

يقول سيد قطب معلقا على الآية: إنه التجرد الكامل لله، بكل خالجة في القلب، وبكل حركة في الحياة. بالصلاة، والاعتكاف. وبالمحيا، والممات. بالشعائر التعبدية، وبالحياة الواقعية، وبالممات، وما وراءه. إنها تسبيحة «التوحيد» المطلق، والعبودية الكاملة، تجمع الصلاة، والاعتكاف، والمحيا والممات، وتخلصها لله وحده. لله «رب العالمين» .. القوام المهيمن، المتصرف، المربي، الموجه، الحاكم للعالمين.. في «إسلام» كامل لا يستبقي في النفس، ولا في الحياة بقية لا يعبدها لله، ولا يحتجز دونه شيئاً في الضمير، ولا في الواقع.. اهـ.

ويقول محمد رشيد رضا في تفسير المنار: فتذكر أيها المؤمن أن الذي يوطن نفسه على أن تكون حياته لله، ومماته لله، يتحرى الخير والصلاح، والإصلاح في كل عمل من أعماله، ويطلب الكمال في ذلك لنفسه، ليكون قدوة في الحق، والخير في الدنيا، وأهلا لرضوان ربه الأكبر في الآخرة. ثم يتحرى أن يموت ميتة مرضية لله تعالى، فلا يحرص على الحياة لذاتها، ولا يخاف الموت، فيمنعه الخوف من الجهاد في سبيل الله لإحقاق الحق، وإبطال الباطل، وإقامة ميزان العدل، والأخذ على أيدي أهل الجور، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. فهذا مقتضى الدين يقوم به من يأخذه بقوة، ولا يفكر فيه من يكتفون بجعله من قبيل الروابط الجنسية، والتقاليد الاجتماعية. اهـ.

وإذا نظر المرء إلى ما تقدم، قد يظن الأمر في غاية الصعوبة، والواقع ليس كذلك، بل هو يسير على من يسر الله عليه، فبإمكان المسلم أن يحول حياته كلها إلى عبادة إذا استصحب النية الصالحة في أعماله العادية، فيقصد بعمله الحصول على المال الحلال، لينفق على نفسه، ويؤدي به ما فرضه الله عليه من الحقوق، والواجبات.

كما يقصد بأكله، وشربه، ونومه، وراحته، التقوي على طاعة الله تعالى، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وفي بضع أحدكم صدقة... رواه مسلم.

وصح عن معاذ -رضي الله عنه- أنه قال: إني لأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي.

وهكذا بقية أمور الحياة العادية، فضلا عن الأمور التعبدية التي لا بد لها -أصلا- من النية والإخلاص.

ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 24782، 4476، 37734.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني