الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم لبس الثوب المنسوج بالذهب

السؤال

ما حكم العباءة الرجالية (البشت) التي يستخدم في تزيينها الخيوط المغموسة في الذهب المذاب أي أن اللون الذهبي فيها ليس صبغا بل من الذهب الحقيقي ولو بمقدار طلاء الخيوط؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا كان هذ الذهب كثيرا حرم على الذكور باتفاق العلماء، وإن كان يسيراً فقد اختلف العلماء فيه على قولين:
الأول: الجواز إذا كان الذهب قدر أربعة أصابع، وإلى هذا ذهب الحنفية، وأحمد في رواية، قال في كنز الدقائق: الثوب المنسوج بالذهب لا يكره إذا كان قدر الذهب قدر أربع أصابع.
واحتجوا بما روى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعاً. رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: وبهذا الحديث احتج الإمام أحمد -يعني في الرواية المتقدمة- وفسر قوله إلا مقطعاً باليسير، كما احتجوا بالقياس على يسير الحرير الذي وردت به الرخصة.
الثاني: التحريم، وإلى هذا ذهب الشافعية والحنابلة والمالكية: قال في حاشية قليوبي وعميرة: ما طرز أو طُرِّف بذهب وفضة فحرام مطلقاً.
أما مذهب المالكية فقال خليل: وحرم استعمال ذكر محلى.
وقال في الشرح: المراد بالمحلى ما جعل فيه شيء من الذهب أو الفضة متصل كنسيج أو طراز أو منفصل.
وهذا ما يفهم من كلام صاحب الشرح الصغير من المالكية حيث جعل في سلوك الذهب في الثوب الزكاة مع قولهم بأن المباح من الحلي لا زكاة فيه، وقال في الإنصاف: المذهب يحرم نص عليه".
واستدلوا بعموم النهي عن لبس الذهب ، وبالقياس على تحريم اليسير من الذهب في الآنية.
والراجح: أن لبس الثوب الذي فيه شيء من الذهب محرم مطلقاً سواء كان كثيراً أو يسيراً، وهذا لوجوه:
الأول: عموم النهي عن لبس الذهب للرجال، وليس هناك مخصص يصلح لتخصيص هذا العموم، وهذا يظهر بالوجه الثاني.
الثاني: أن الحديث الذي استدل به الحنفية ومن وافقهم، يتطرق إليه احتمال أن يكون ذلك خاصاً بالنساء، وإلى هذا ذهب الخطابي في المعالم وجعل هذا الاستثناء خاصا بالنساء قال: لأن جنس الذهب ليس بمحرم عليهن كما حرم على الرجال قليله وكثيره.
على أن هذا الحديث لو أخذ بعمومه فلا فرق بين الكثير واليسير، وأيضا فليس فيه ما يدل على التحديد بأربعة أصابع.
الثالث: لا يصح قياس يسير الذهب في الإباحة للذكور على يسير الحرير، لأن تحريم الذهب على الرجال أغلظ من تحريم الحرير، ألا ترى أن الحرير يباح للحاجة كما لو لُبس للحكة كما رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم لذلك، أما الذهب فإنه لا يباح إلا للضرورة.
الرابع: أن لبس الرجال لمثل هذه الأنواع من الثياب، قد يجر إلى المخيلة المنهي عنها، كما قد يدخل في لباس الشهرة وهذا من المحرمات، وقد تجر إباحة يسير الذهب في الثوب إلى تعاطي الكثير المحرم بالاتفاق، كما هو معروف، فيحرم ذلك سداً للذريعة إلى الحرام.
وبعض هذه الوجوه يكفي في التحريم، فكيف بها إذا اجتمعت؟
إذا تقرر هذا فاعلم أن لبس أو شراء البشوت التي وقع السؤال عنها، لا يجوز.
والأولى بالمسلم أن ينزه دينه وعرضه عن مثل هذه الألبسة، وفي المباح الذي لم يختلف فيه ما يغني عنها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني