الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحاكم للقوانين الوضعية جائز إن دعت إليه الضرورة

السؤال

فضيلة الشيخ: هذه مشكلتي، أعرضها عليكم.
أعيش مع زوجتي في فرنسا، وأبو زوجتي مسلم، ولا يطبق أي ركن من أركان الإسلام، إلا أنه يؤمن بالله.
1-سرق وثائقنا الشخصية؛ لإنشاء شركة عقارات، وبتلك الوثائق حصل على قرض ربوي بقيمة 120000يورو، وهذا منذ 10 سنوات، واشترى بذلك المبلغ شقة في جنوب فرنسا، وحسب القانون الفرنسي، فنحن ملاك تلك الشقة، وأخبرتني زوجتي أنها المرة الثالثة التي يستعمل فيها اسمها لشراء أملاك حرام، مثل حانة، وغيرها؛ لأن اسمه في لائحة الممنوعين من القرض البنكي.
2-نحن ننتظر منذ وقت طويل حلًّا لهذه المشكلة، ونتحمل أعباء هذه الشقة: من تسديد لهذا القرض كل شهر، واستدعاءات المحكمة، وخلاف بيني وبين زوجتي، وما إلى ذلك.
طلبنا منه عدة مرات بيع الشقة؛ لتسديد ما بقي من الدين -80000 يورو-، ولكن دون جدوى، بل هددنا إذا حاولنا بيع الشقة دون علمه، وكل هذا يؤدي إلى قطع العلاقة العائلية، وهذا ما لا نريده، وأسئلتي هي:
1-هل علينا أن نبقي على هذا الحال، ونستمر في دفع مستحقات البنك لعشر سنوات أخرى؟
2-هل علينا أن نرفع ضده دعوى قضائية؛ مما يؤدي به إلى السجن حسب القانون الفرنسي؟
3-هل علينا أن نبيع الشقة ب 160000 يورو -وهذا ثمنها في السوق- علما أنه يطلب 180000 يورو، ومن ثم يجبرنا على أن ندفع الفارق من جيوبنا، أي 20000 يورو.
4-هل لنا أن نحج أولًا، أو نسوي هذا الخلاف؟ أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن هذا الرجل أنه لا يلتزم بأي ركن من أركان الإسلام، فهو بهذا على خطر عظيم، والإيمان يقتضي العمل، قال تعالى: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ {النور:47}، فالواجب أن ينصح هذا الرجل بأن يتقي الله في نفسه، ويسارع بالتوبة، وينبغي الدعاء له أن يصلح الله حاله.

وإذا كان مفرطًا في حق الله تعالى، وقاطعًا للصلة بينه وبين ربه، فكيف يرجى منه أن يخشاه في خلقه، فلا يقدم على السرقة، أو أكل الربا، أو أي منكر آخر!؟ فينبغي أن ينصح من هذه الجهة أيضًا، ويسلط عليه بعض الفضلاء، والصالحين ليسعوا في الوفاق، وحل المشكلة من غير أن يترتب عليها شيء من المشاكل، والقطيعة.

وإذا عجز الوسطاء عن إقناعه، فالتحاكم للقوانين الوضعية، جائز إن دعت إليه الضرورة، لدفع الظلم، والضرر عنكم.

وإذا كان بيع البيت حلًّا للمشكلة، واسترداد شيء من الحق، ورضيتم بتحمل خسارة ذلك المبلغ، فهو أهون، مع اتخاذ الحذر، والحيطة؛ حتى لا يتكرر هذا التزوير من قبل والد زوجتك.

ولا بأس بالحج قبل حل المشكلة، إن كانت لكم قدرة على الحج، بل يلزم المبادرة إلى الحج إن كانت هذه حجة الإسلام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني