الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل إخبار الإنسان غيره بخبر محزن يعد ظلما له؟

السؤال

أنا صاحب الفتوى رقم: (287611) هل إخبار أحد بخبر محزن بهذه الطريقة يعتبر من الظلم الذي يجب على الظالم أن يستحل المظلوم منه أم أنه مجرد سوء تصرف لا يرتقي لمرتبة الظلم؟ على الرغم أن الأطباء النفسيين قالوا بأن ذلك التصرف سبب للإيذاء النفسي والأمراض النفسية. ألا يعتبر الإيذاء النفسي بهذه الطريقة ظلمًا كالإيذاء الجسدي؟
ولو قلنا: إن الذي فعل ذلك لا يعلم خطورة تصرفه. ماذا لو نصحناه ولم يقتنع، وأصر وفعلها مرة أخرى مع شخص آخر بعدما نصحناه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليتك أيها الأخ تمتثل ما أرشدناك إليه في الفتوى رقم: 287611 من العفو والصفح عن ابنة خالتك، والتغاضي عن ذلك الموقف، عوضًا عن فرض الاحتمالات حتى تصل إلى أن ابنة خالتك قد ظلمتك!!

وعلى كل حال؛ فالظاهر أن فعلها لم يكن عن قصد الإضرار بك، وأصل الإخبار بالخبر المحزن بتلك الطريقة مباح، ولا يترتب عليه غالبًا ضرر، لكن قد يقع الضرر أحيانًا لضعف في الشخص المخبَر، أو لكونه مريضًا، أو غير ذلك من الاحتمالات. فلا يمكن القول بأن مجرد الإخبار بالخبر المحزن بتلك الطريقة محرم.

وعليه؛ فلا يلزم ابنة خالتك التحلل منك؛ لأن ما فعلته مباح في أصله، والقاعدة عند العلماء أن ما ترتب على المأذون فليس بمضمون.

وإنما تعرض الحرمة إذا علم أن الإخبار ضار بالمخبر، وكان القصد الإضرار به؛ لأن قصد الإضرار دون حق من الظلم المحرم، قال ابن تيمية: وقد قررنا في مواضع كثيرة أن الظلم حرام كله، لم يبح منه شيء، وأصله قصد الإضرار، فإن الظلم إضرار غير مستحق، لكن الإضرار المستحق جائز تارة، وواجب أخرى، وإنما أبيح إضرار الحيوان للحاجة، والحكم المقيد بالحاجة مقدر بقدرها، فليس للعبد أن يكون مقصوده بالقصد الأول إضرار بني ادم، بل الضرار محرم بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار)، وقال في المطلقات: (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا)، وقال: (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن). وأما السنة: فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من شق شق الله عليه، ومن ضار أضر الله به"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار".

ومعلوم أن المشاقة والمضارة مبناها على القصد والإرادة، أو على فعل ضرر لا يحتاج إليه، فمتى قصد الإضرار، ولو بالمباح، أو فعل الإضرار من غير استحقاق، فهو مضار. اهـ. من جامع المسائل.

فما دام الشخص لم يقصد الإضرار بالمخبَر فلا يعد الإخبار ظلمًا، ولا إثم عليه فيه، ولو أصر على ذلك ولم يقلع عنه.

فمدار التحريم على العلم بالضرر وقصد الإضرار.

فنعيد الوصية لك بالعفو والصفح والتغاضي عما بدر من ابنة خالتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني