الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في موقع إلكتروني لمجلة على الأنترنت تنشر أخبارا وصورا متنوعة

السؤال

فضيلة الشيخ: زوجي يعمل عملا إضافيا كمدير في موقع إلكتروني لمجلة إلكترونية على الأنترنت، وهو الذي يقوم بعمل الشبكة الداخلية بين أجهزة الشركة، وهو المسئول عن توصيل الأنترنت للشركة، وهذه المجلة بها العديد من الأخبار السياسية والاقتصادية والفنية وتنشر صورا لفنانات ونساء متبرجات، فهل هذا العمل حرام أم حلال؟ وإذا كان حراما وزوجي لا يقتنع بذلك مهما حاولت أن أقنعه، فماذا أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان نشر تلك الصور والأمور المحرمة مقصودا في المجلة معتبرا فيها ومحورا رئيسا من محاورها، فلا تجوز الإعانة على نشرها وإنتاجها، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

والوسائل لها أحكام المقاصد، قال القرافي في الفروق: القاعدة أن الوسائل تتبع المقاصد في أحكامها، فوسيلة المحرم محرم، ووسيلة الواجب واجبة، وكذلك بقية الأحكام.

قال ابن القيم رحمه الله: لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها.

وقد جاء في كتاب: قواعد البيوع وفرائد الفروع ـ للسعيدان: قاعدة: كل مباحٍ أدى تعاطيه إلى محرم فهو حرام.

وهذه القاعدة داخلة تحت قاعدة سد الذرائع التي لها في الفقه المنزلة العالية والمرتبة الرفيعة، وبيانها أن يقال: إن المباحات يحكم لها بالإباحة بالنظر إلى ذاتها، أما بالنظر إلى مقاصدها، فإنها تختلف أحكامها باختلاف ما يراد بها واختلاف آثارها ونتائجها، ذلك لأن المباحات وسائل، وقد تقرر في الأصول أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فوسائل الواجب واجبة، ووسائل المحرم محرمة، ووسائل المندوب مندوبة، ووسائل المكروه مكروهة، ووسائل المباح مباحةٍ.

وأما لو كان ذلك غير مقصود كالصور التي تنشر مع الأخبار ونحوها: فهي مما عمت به البلوى، ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ويصح تبعا ما لا يصح استقلالا، والتَّابِع لَا يفرد بالحكم مَا لم يصر مَقْصُودا. كما جاء في شرح القاواعد الفقهية للزرقا.

وفي الأشباه والنظائر للسيوطي: يغتفر في الشيء ضمنا ما لا يغتفر فيه قصدا.

وعلى هذا، فلا حرج عليه في العمل المذكور، وانظري الفتوى رقم: 158591.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني