الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الذكر بدون تحريك اللسان

السؤال

ما تفسير قوله تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول ... ) الآية؟ وهل هذا يعني جواز الذكر بدون تحريك اللسان؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولًا إلى أن نص الآية الكريمة هو قوله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ {الأعراف:205}. وتفسيرها كما جاء في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي قال: "فأمر الله عبده ورسوله محمدًا -أصلًا وغيرُه تبعًا- بذكر ربه في نفسه، أي: مخلصًا خاليًا.{تَضَرُّعًا} أي: متضرعًا بلسانك، مكررًا لأنواع الذكر، {وَخِيفَةً} في قلبك بأن تكون خائفًا من الله، وَجِلَ القلب منه، خوفًا أن يكون عملك غير مقبول، وعلامة الخوف أن يسعى ويجتهد في تكميل العمل وإصلاحه، والنصح به. {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} أي: كن متوسطًا، لا تجهر بصلاتك، ولا تخافت بها، وابتغ بين ذلك سبيلًا. {بِالْغُدُوِّ} أول النهار {وَالآصَالِ} آخره، وهذان الوقتان لذكر الله فيهما مزية وفضيلة على غيرهما. {وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فإنهم حرموا خير الدنيا والآخرة، وأعرضوا عمن كل السعادة والفوز في ذكره وعبوديته، وأقبلوا على من كل الشقاوة والخيبة في الاشتغال به، وهذه من الآداب التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها، وهي الإكثار من ذكر الله آناء الليل والنهار، خصوصًا طَرَفَيِ النهار، مخلصًا خاشعًا متضرعًا، متذللًا ساكنًا، وتواطئا عليه قلبه ولسانه، بأدب ووقار، وإقبال على الدعاء والذكر، وإحضار له بقلبه وعدم غفلة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه".
وأما الذكر بدون تحريك اللسان: فقد أخذ بعض أهل العلم من هذه الآية أنه لا يعتبر؛ قال ابن عطية في المحرر الوجيز: "والجمهور على أن الذكر لا يكون في النفس ولا يراعى إلا بحركة اللسان، ويدل على ذلك من هذه الآية قوله: وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ، فهذه مرتبة السر والمخافتة باللفظ".
وقال بعضهم: ذكر الله تعالى يصح بالقلب دون اللسان، وباللسان دون القلب، وبهما معًا، وهو أكمله؛ قال السعدي في تفسيره عند هذه الآية: "الذكر لله تعالى يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بهما، وهو أكمل أنواع الذكر وأحواله".

وقد بيّنّا أحوال الذكر وأفضله، وحكم ما يصح منه دون حركة اللسان وما لا يصح، في الفتويين التالية أرقامهما: 143903، 269854، وما أحيل عليه فيهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني