الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواب القائلين بكفر تارك الصلاة على حديث الجارية

السؤال

الذين قالوا بكفر تارك الصلاة، ما هو ردهم على حديث الجارية الذي في صحيح مسلم، والتي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها مؤمنة، ولم يسألها عن الصلاة؟ وعندما أجاب شيخ الإسلام عنه قال إنه قصد الإيمان الظاهر، لكن القائلين بكفر تارك الصلاة يقولون بكفره ظاهرا ويجرون عليه أحكام الكافر، فأرجو التوضيح بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعبارة شيخ الإسلام كما في كتاب الإيمان: وأما احتجاجهم بقوله للأمة: أعتقها فإنها مؤمنة ـ فهو من حججهم المشهورة، وبه احتج ابن كلاب وكان يقول: الإيمان هو التصديق والقول جميعا، فكان قوله أقرب من قول جهم وأتباعه، وهذا لا حجة فيه، لأن الإيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا لا يستلزم الإيمان في الباطن الذي يكون صاحبه من أهل السعادة في الآخرة..... انتهى.

ومقصوده أن من يقول: الإيمان قول فقط، أو قول وتصديق دون عمل، فهو يريد بذلك الإيمان المنجي على الحقيقة، فلا حجة له في حديث الجارية، لأن المراد به الإيمان الظاهر، وليس الإيمان على الحقيقة، ومن قال الشهادتين ثبت له الإسلام، وعومل معاملة المسلم، فإن ترك الصلاة، فإما أن يقتل ـ كفرا أو حدا ـ وإما أن يحبس، على الخلاف المشهور بين الفقهاء، وليس لأحد أن يحتج بحديث الجارية على نفي قتله أو حبسه، وكأن الإشكال أصابك لظنك أنه لا بد من الصلاة عند الإتيان بالشهادتين، وليس كذلك، قال ابن رجب في جامعه: ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاءه يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلما، فقد: أنكر على أسامة بن زيد قتله لمن قال: لا إله إلا الله لما رفع عليه السيف، واشتد نكيره عليه ـ ولم يكن صلى الله عليه وسلم يشترط على من جاءه يريد الإسلام أن يلتزم الصلاة والزكاة، بل قد روي أنه قبل من قوم الإسلام، واشترطوا أن لا يزكوا، ففي مسند الإمام أحمد، عن جابر قال: اشترطت ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليهم ولا جهاد، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيتصدقون ويجاهدون ـ وفيه أيضا عن نصر بن عاصم الليثي: عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم على أن لا يصلي إلا صلاتين، فقبل منه ـ وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث، وقال: يصح الإسلام على الشرط الفاسد، ثم يلزم بشرائع الإسلام كلها.... انتهى.

فمن يكفر تارك الصلاة يقول: إذا جاء وقت صلاة ودعاه إمام ولم يصل قتل على الكفر، وانظر الفتوى رقم: 62673.

بل من يكفره بمجرد الترك يمكن أن يجيب عن الحديث: أن الأصل عصمة دمها، فإذا ثبت بالبينة أو الإقرار كونها لا تصلي لما شهد النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان الظاهر، وإلا فالأصل في من ثبت إسلامه السلامة، ولا يُفتش عن حاله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني